كيف يمكن للعالم أن يتعافى من جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، وأن يتصدى في الوقت نفسه لتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي؟ جمعت فعالية "تعاف مستدام للناس والكوكب" معا لفيفا من واضعي السياسات والقيادات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني والخبراء العالميين لتناول هذه المسألة خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تحت شعار "تعاف من الجائحة قادر على الصمود". وقد لخصت ناشطة شابة من إندونيسيا الأمر على أفضل نحو عندما وصفت التأثير المحتمل للتحول الذي أحدثته الجائحة، حيث قالت ميلاتي ويجسن، إحدى القيادات الشبابية التي ساعدت جهودها في خفض النفايات البلاستيكية في جزيرة بالي التي تقطنها: "إذا كان هناك شيء واحد أظهرته جائحة كورونا، فهو أنه لم يعد بإمكاننا العودة إلى أسلوب العمل كالمعتاد. ففي عالم ما بعد كورونا، يجب علينا التعجيل بالحلول التي نريد أن نراها في عالمنا اليوم." تركز هذه الفعالية، التي تديرها مذيعة سي إن إن السابقة زين فيرجي، على الإجراءات والاستثمارات اللازمة اليوم لفتح الطريق أمام تحقيق مكاسب على المدى القصير، مثل فرص العمل والنمو الاقتصادي، فضلاً عن تحقيق المزايا على المدى الأطول من حيث القدرة على الصمود في وجه التحديات والأزمات، وخفض الانبعاثات الكربونية، والتمتع بهواء ومياه شرب أنظف، وتعزيز سلامة المحيطات، وتحسين استدامة أنظمة الغذاء والزراعة. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس في كلمته الافتتاحية: "إن التحدي الكبير يتمثل في كيف نعيد البناء على أساس أكثر مراعاة للبيئة، وكيف نعيد البناء على نحو أفضل في بيئة جديدة حينما نخرج من مرحلة التعافي... ومن الضروري أن يقوم الناس بالاستثمارات الصحيحة الآن." وأوضح الوزير الفيجي أياز سيد-قيوم سبب أهمية هذه الاستثمارات في بناء القدرة على الصمود في وجه التحديات والأزمات، حيث قال: "بالنسبة للبلدان الواقعة على الخطوط الأمامية لتغيُّر المناخ كفيجي، تُعد إعادة البناء على نحو أفضل مسألة حياة أو موت." وكان إعصار وينستون قد قضى في عام 2016 على ثلث قيمة إجمالي الناتج المحلي لفيجي في غضون 36 ساعة. وأضاف قيوم: "لقد أدركنا أن علينا أن نبني بشكل أفضل، وقد آتى ذلك ثماره - فالهياكل التي تم بناؤها بشكل أفضل لم تتضرر في الأعاصير السبعة التي شهدناها منذ ذلك الحين". وأوضحت هيلين ماونتفورد، نائبة رئيس معهد الموارد العالمية لشؤون المناخ والاقتصاد، أنه مع توقع استثمار الحكومات والمؤسسات ما يصل إلى 12 تريليون دولار في جهود التعافي من جائحة كورونا، "فنحن الآن أمام لحظة مهمة لإعادة ضبط اقتصاداتنا وإعادة البناء بطريقة تعالج أزمات المناخ والجائحة معاً". وقالت ماريا ديل بيلار غونزالو، وزيرة التخطيط الوطني والسياسة الاقتصادية: "تعتزم كوستاريكا ربط التحديات المناخية والأزمات، باستخدام خطة خفض الانبعاثات الكربونية في الأجل الطويل في البلاد كمحور لمعالجة أزمة كورونا والتعافي بشكل أفضل". وتناولت الفعالية كيف يمكن للتعافي المستدام أن يستعيد سلامة النظم الإيكولوجية إلى سابق عهدها، ويعكس اتجاه فقدان التنوع البيولوجي، ويخلق نظماً غذائية وفرص عمل أفضل. قال سيلسو كوريا، وزير الزراعة والتنمية الريفية، موزامبيق: "نحن بلد لا يسعه إلا اتخاذ الاستدامة منهجا، وأن تأخذ كل سياساتنا الاستدامة في الحسبان." ومن خلال تطبيق أساليب جديدة للإنتاج الزراعي، "فإننا نقوم أيضاً بالحد من الانبعاثات ولكننا نحمي الغابات في الوقت نفسه". وقال كارلوس مانويل رودريغيز، الرئيس التنفيذي لصندوق البيئة العالمية: "إن التعافي يتيح فرصة لا تتكرر في العمر لإعادة ضبط علاقتنا مع الطبيعة وتوسيع نطاق الحلول القائمة على الطبيعة التي يمكن أن تساعد غاباتنا وأراضينا على امتصاص الكربون وحماية التنوع البيولوجي. ولا يمكن لأي أحد أن يزدهر على كوكب مريض، ومن مصلحتنا الذاتية أن نحمي الطبيعة ونستثمر فيها". كما تطرقت الفعالية إلى الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المقرر إجراؤه العام المقبل، إلى جانب اتفاقية التنوع البيولوجي، عندما يتم تحديد أهداف جديدة للحفاظ على المنافع المتأتية من التنوع البيولوجي والانتفاع بها وتقاسمها على نحو مستدام. وقال ألوك شارما، وزير الدولة البريطاني للأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية ورئيس الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ: "قبل انعقاد النسخة السادسة والعشرين من المؤتمر، دعونا نعمل معا لجعل التعافي الأخضر حقيقة واقعة في أنحاء العالم، وخلق مستقبل مزدهر ومستدام لأطفالنا وأحفادنا. فنحن مدينون بذلك للأجيال الحالية والمقبلة".