بالشراكات: نصغي، ونبتكر معًا، ونحقّق النتائج سويًّا

إننا نؤمن بأن التقدم يتحقق حين تتضافر مختلف الجهود وتتوافق الآراء نحو تحقيق هدف مشترك. ففي عالم يتسم بسرعة التحولات والتغيرات والفرص أيضًا، يظل التعاون والحوار مفتاح الحلول المستدامة. ومن خلال تبادل الرؤى التي يطرحها شركاؤنا في المجتمع المدني والعمل الخيري والأوساط الأكاديمية والمنظمات الدينية والقطاع الخاص وغير ذلك، نسعى إلى تعزيز الأفكار التي تلهم وتثري المعرفة وتدفع لتحقيق نتائج ملموسة.

وهذه القصص تبرز كيف يحوّل شركاؤنا الأهداف المشتركة إلى نواتج ملموسة وحقيقية على أرض الواقع، عبر خلق فرص عمل، وتمكين المجتمعات، ودفع عجلة التنمية قدمًا حيثما تشتد الحاجة إليها.

من بنغلاديش إلى نيجيريا: المجتمع المدني يفتح آفاق الوظائف من أجل المستقبل

بقلم رافيو أكينبيلو أولاور، المدير التنفيذي لجمعية تنمية المشاريع والابتكار من أجل الشباب YEDIS، ومحمد عارف ريحان ماهي، كبير مسؤولي قطاع الأثر في مؤسسة Devtale Partners والمؤسس المشارك لبرنامج Shoktikonna

عند التفكير في الوظائف والفرص المتاحة للشباب، فالشيء المؤكد هو أن تحقيق ذلك لا يتم بشكل منفرد. فمن واقع خبرتنا كقادة لمبادرات شعبية في نيجيريا وبنغلاديش، رأينا أن الوظائف تُخلق عندما يعمل المجتمع المدني والحكومات والشركات جنباً إلى جنب مع مؤسسات داعمة مثل مجموعة البنك الدولي. ومن خلال هذه الشراكات يتحول الأمل إلى فرص حقيقية، ويجد الشباب طريقهم لبناء مستقبلهم بأيديهم.

رؤية رافيو: جمعية تنمية المشاريع والابتكار من أجل الشباب YEDIS في نيجيريا

في نيجيريا، يدخل ملايين الشباب سوق العمل سنوياً، لكن الوظائف الكريمة لا تزال نادرة. وعندما أسسنا جمعية تنمية المشاريع والابتكار من أجل الشباب، كان ذلك بدافع قناعتنا بأن الشباب أنفسهم، إذا تسلحوا بالمهارات والأدوات المناسبة وشاركوا في الشبكات الهادفة، يمكنهم أن يصبحوا مبتكرين لفرص العمل بدلاً من مجرد باحثين عنها.

Youths Enterprise Development and Innovation Society (YEDIS)

لقد أثبتت مسيرتنا أن ريادة الأعمال في المناطق الريفية والابتكار الرقمي والصناعات الزراعية يمكن أن تكون محركات فاعلة لخلق فرص العمل. ففي ولاية أوسون، كانت الجمعيات التعاونية النسائية لإنتاج زيت النخيل تعاني من التهميش، حيث كان النساء يستخدمن أدوات بدائية قيدت إنتاجيتهن، ولم يكن لهن صوت مسموع. ولكن مع جمعية تنمية المشاريع والابتكار من أجل الشباب، حصلن على تدريبات على أنشطة التصنيع المستدامة والتسويق الرقمي والإدارة المالية. وتحولت هذه الجمعيات التي كانت تعاني من الإقصاء والتهميش إلى مؤسسات معترف بها من قبل السلطات المحلية، مما أتاح لها الحصول على آلات استخراج حديثة والوصول إلى أسواق جديدة. واليوم، لم تعد هؤلاء النساء مجرد عاملات؛ بل أصبحن صاحبات أعمال وشركات ومنشآت ومشروعات، ومبتكرات، ورائدات يقودن مجتمعهن نحو التغيير.

وبرامجنا في مجال الابتكار الرقمي تقص علينا سردية مماثلة. فمن خلال جهود الإرشاد والتدريب والتوجيه، انتقل أكثر من 20 ألف شاب وشابة من الاستخدام العابر لوسائل التواصل الاجتماعي إلى توظيف تكنولوجيا الهواتف المحمولة في مجالات التجارة الإلكترونية، والمدفوعات الرقمية، وتنمية المشاريع. وقد أصبح البعض يدير متاجر أزياء عبر الإنترنت، فيما أقام آخرون مشروعات وشركات في مجالات الخدمات اللوجستية والتصميم الإبداعي، لتساهم هذه المبادرات والمشروعات في نمو اقتصاد رقمي محليا يزداد جاذبية أمام المستثمرين.

لكن هذا التحول لم يكن ليتحقق دون إقامة شراكات مؤثرة. فنحن نعمل جنباً إلى جنب مع الحكومات والمؤسسات العالمية والقطاع الخاص، ونتشارك مع المجتمعات المحلية في تصميم حلول مبتكرة، مع الحرص على أن تكون برامج التدريب تراعي متطلبات ومقتضيات الواقع المحلي. فنحن نؤمن بأن دور المجتمع المدني يتمثل في إطلاق الإمكانات، وربط الفئات المهمشة بالفرص المتاحة، والدعوة إلى السياسات التي تشجع ازدهار ريادة الأعمال.

رؤية محمد عارف ريحان ماهي: برنامج  تمكين المرأة  شوكتيكونا  Shoktikonna في بنغلاديش

في بنغلاديش، تختلف الحكاية لكنها تحمل الرسالة ذاتها: توفير الوظائف يستلزم العمل المشترك. عندما أطلقنا برنامج "Shoktikonna" الذي يعني "تمكين المرأة"، كنا نتصدى لفجوة صارخة في قطاع الطاقة. فعلى الرغم من الدور المحوري لهذا القطاع في التحول الأخضر، فقد ظل تحت سيطرة الرجال بشكل شبه كامل.

Shoktikonna in Bangladesh

ويشهد التحول إلى الطاقة النظيفة في جنوب آسيا انفتاحًا على آفاق وفرص جديدة، لكن النساء لا يشغلن سوى ثلث الوظائف في هذا المجال، وغالبًا ما تقتصر أدوارهن على المناصب الإدارية. وإذا تم استبعاد المرأة من الوظائف الفنية والمناصب القيادية، فلن يكون هذا التحول عادلًا أو شاملًا أو مستدامًا.

ويعمل برنامج شوكتيكونا على كسر هذه الحلقة المفرغة. وتجمع دورات القيادة لدينا بين التدريب الفني على مشاريع الطاقة المتجددة، والتنقل باستخدام المركبات الكهربائية، وأسواق الكربون، إلى جانب برامج الإرشاد والتوجيه، وبناء شبكات العلاقات، والتعرف على مشاريع حقيقية. وقد تمكنت خريجات مثل بوجا وروثيلا ونيشي، اللاتي واجهن قوالب نمطية مرتبطة بالنوع الاجتماعي أو كن يشعرن بالخجل والانطواء أو انعدام الثقة، من إثبات أنفسهن كمهندسات ومنسقات مشاريع ومستشارات في مؤسسات كبرى. واليوم، يعمل 87% من خريجات برامجنا في وظائف بمجال الطاقة الخضراء أو يواصلن دراساتهن العليا.

ومن الإنجازات التي نفخر بها بشكل خاص هو استجابة شركاء القطاع الصناعي لهذه الرؤية. واليوم، أصبحت شركات مثل Solshare وGrameen Shakti توظّف خريجات برامجنا، ليس بدافع العمل الخيري، بل لإيمانهم بقدراتهن ومهاراتهن وإمكاناتهن القيادية. وبالتعاون مع شركاء القطاع الخاص، نشارك في إنشاء أول بوابة للوظائف الخضراء في بنغلاديش، ما يضمن للشابات وصولًا مباشرًا إلى الفرص الناشئة.

ويضطلع المجتمع المدني هنا بدور محفز: فنحن نعد منظومة من المواهب الواعدة، ونعزز الثقة، ونعيد تشكيل التصورات الثقافية. وبعد ذلك، يتولى القطاع الخاص زمام المبادرة في خلق الوظائف وتوسيع نطاق الابتكار.

رؤيتنا المشتركة: توفير الوظائف عبر الشراكات

يوفر المجتمع المدني الثقة والخبرة المحلية، بينما يفتح القطاع الخاص السبل أمام الأسواق وفرص التوسع. وتساهم مؤسسات مثل مجموعة البنك الدولي بالدعم اللازم، وتعمل الحكومات على تهيئة الظروف لتحقيق الازدهار الشامل للجميع. وعندما تتحد هذه القوى، لا يقتصر الأمر على إيجاد فرص عمل للشباب والشابات، بل يجدون أيضًا أهدافًا ذات معنى وكرامة تعزز مكانتهم في المجتمع.

ويعتمد مستقبل العمل في مناطقنا على التآزر والتعاون وتضافر الجهود. ففي نيجيريا، يعني ذلك دعم رواد ورائدات الأعمال في المناطق الريفية لربط المهارات الرقمية بالتمويل والأسواق. وفي بنغلاديش، يعني هذا الأمر ضمان أن تتصدر المهندسات مشهد التحول الأخضر وتطوير التكنولوجيات من أجل المستقبل. وفي كل مكان، يتمثل ذلك في صياغة سياسات تستند إلى التجارب الواقعية، لتجعل ريادة الأعمال أقل مخاطرة، والابتكار أكثر جدوى، وشمول الجميع قاعدة عامة وليس استثناءً.

وربما تكون مؤسساتنا صغيرة، لكن قصص نجاحنا تكشف عن إمكانات لا حدود لها. فقد بدأت جمعية تنمية المشاريع والابتكار بعدد قليل من الشباب في المجتمعات المهمشة، لكنها اليوم وصلت إلى عشرات الآلاف. أما برنامج شوكتيكونا، فقد انطلق بمشاركة 45 امرأة، وأصبحت الخريجات اليوم يمهدن الطريق لازدهار الاقتصاد الأخضر في بنغلاديش.

ومن حقول الكاسافا في نيجيريا إلى أسطح المباني المليئة بالألواح الشمسية في بنغلاديش، تتبلور رسالة واحدة واضحة: عندما تتضافر الجهود من خلال إقامة الشراكات، تنشأ فرص العمل. وعندما تكون هذه الفرص شاملة للجميع ومستدامة، فإن المجتمعات ترتقي معًا نحو مستقبل أفضل.

مقابلة مع روز غوسلينغا، الشريكة المؤسسة ورئيسة شركة "بولا"

"بولا" هي شركة للتأمين والتكنولوجيا الزراعية تقوم بتصميم وتقديم منتجات التأمين والمنتجات الرقمية لمساعدة صغار المزارعين في أفريقيا والأسواق الصاعدة الأخرى على إدارة المخاطر وزيادة الدخل.

Alexander is a retired farmer in Wote, a sub-county area in Makueni County. He is one of the selected few farmers who share rain data with the Kenya metrological department. He has a rain gauge in his farm which he uses to capture the data everytime it rains. This data is shares through a whatsapp group.

منذ إنشائها في عام 2015، دخلت شركة "بولا"، وهي إحدى الشركات التي قامت مؤسسة التمويل الدولية بالاستثمار فيها، في شراكة مع أكثر من 110 شركة من شركات التأمين وإعادة التأمين، و70 شريكاً للتوزيع في جميع أنحاء العالم لتقديم الخدمات إلى أكثر من 15 مليون مزارع. ويوفر التأمين الزراعي الحماية المالية للمزارعين ضد خسائر الإنتاج الناجمة عن الأحداث الطبيعية، مثل موجات الجفاف والأمطار الغزيرة والآفات والأمراض.

[سارة حداد، البنك الدولي] شكراً لانضمامك إلينا، "روز". تقوم شركة "بولا" باستخدام التكنولوجيا لمراقبة المحاصيل وتحديد موعد صرف مدفوعات التأمين. هل يمكنك أن تعطيني مثالاً على كيفية إسهام التكنولوجيا في مساعدة صغار المزارعين على إدارة المخاطر والتعافي من الخسائر؟

[روز غوسلينغا] لقد تعاملت مع المزارعين لمدة 18 عاماً، وهم يواجهون مخاطر هائلة، منها الجفاف والفيضانات والآفات والجراد، وغيرها. وتعمل شركة "بولا" حالياً في 13 سوقاً أفريقية، وقد رأينا كيف أن التأمين التقليدي غالباً ما لا يُسعف صغار المزارعين. وفي حين قد تصل أقساط التأمين التقليدي للمزارعين في الولايات المتحدة إلى 15 ألف دولار، يدفع صغار المزارعين للشركة 10 دولارات فقط مقابل أقل من هكتار واحد. ولخدمة هؤلاء المزارعين بصورة مستدامة، فإننا نعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير.

نستخدم بيانات الأقمار الصناعية لتصنيف المزارعين حسب ظروف المناخ المحلي ورصد الخسائر، التي يتم التحقق منها من خلال الزيارات العشوائية للمزارع. ويستخدم الشباب المحلي تطبيقَ الشركة للهواتف الذكية لتنفيذ إجراءات موحدة لقياس الإنتاج عند الحصاد، مما يوفر لهم عملاً حراً مؤقتاً عبر الإنترنت وفي الوقت نفسه يوفرون لنا بياناتٍ دقيقة عن غلة المحاصيل.

وفي كل عام، نقوم بالتأمين على نحو 5 ملايين مزارع وزيارة نحو 30 ألف مزرعة، كما نقوم بتشغيل نحو 1500 شاب. ولا يؤدي هذا النهج إلى إتاحة التأمين على نطاق واسع فحسب، بل أيضاً بناء الثقة، حيث يرى المزارعون أحدَ أفراد مجتمعهم المحلي وهو يجمع البيانات التي تحدد مبالغ الدفعات.

[سارة حداد، البنك الدولي]  هل تعمل الشركة على تطوير أي تكنولوجيا أخرى أو تقوم حالياً بدراستها من أجل مساعدة صغار المزارعين على التعامل بشكل أفضل مع الصدمات المرتبطة بالظواهر الجوية؟

[روز غوسلينغا] بالتأكيد، فالمخاطر التي يواجهها صغار المزارعين آخذة في التطور، ولم يعد الأمر مقتصراً على موجات الجفاف أو الفيضانات فحسب، بل بات يشمل أيضاً أمراضَ المحاصيل التي تقضي على سبل كسب العيش. ففي قطاع الكاكاو، على سبيل المثال، يتردد المزارعون في بعض الأحيان بين قطع شجرة مصابة أو محاولة إنقاذها، وقد يعني هذا القرار فقدانَ ما بين سنتين إلى خمس سنوات من الدخل ريثما تنمو شجرة جديدة.

وتتيح التكنولوجيا الجديدة مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأدوات الرؤية الآلية للمزارعين إمكانيةَ التقاط الصور لشجرة الكاكاو والتحقق بسرعة مما إذا كانت سليمة أم مصابة. ونستخدم أيضاً تقنية البلوك تشين والعملات المستقرة لتسريع مدفوعات التأمين. ونظراً لتجزؤ أنظمة التأمين، فقد يستغرق تحويل الأموال وقتاً طويلاً، وهذه الأدوات تساعد في نقل الأموال بشكل آمن وسريع حتى يحصل المزارعون على مستحقاتهم في الأوقات التي تشتد حاجتهم إليها. وأخيراً، نركز على توسيع النطاق، إذ يجب الاستمرار في إيصال خدماتنا المبتكرة إلى ملايين المزارعين، وألا نقتصر في ذلك على المشروعات التجريبية فقط، حتى نسهم في إحداث أثر ملموس على أرض الواقع.

[سارة حداد، البنك الدولي] هل هناك ابتكار تكنولوجي محدد لم تتوصلوا إليه حتى الآن (أو لم تتم إتاحته لاستخدام صغار المزارعين) وتريد الشركة تطويره أو تطبيقه لمساعدة المزارعين على زيادة إنتاجهم؟

[روز غوسلينغا] أعتقد أن أحد أكبر الابتكارات التي قمنا بها مؤخراً لا يتعلق فقط بالتكنولوجيا، ولكن حول كيفية عمل نظام الشركة بأكمله. لقد بدأنا عملنا كشركة لتكنولوجيا التأمين، حيث كنا نصمم منتجات التأمين ونعمل مع الحكومات والبنوك وشركات التأمين المحلية لمساعدة المزارعين على اعتمادها. وعندما استثمرت مؤسسة التمويل الدولية في شركتنا في عام 2023، كان أحد المجالات الرئيسية التي أردنا تطويرها هو إنشاء شركة لإعادة التأمين، ولذلك أنشأنا مؤخراً واحدةً منها.

والهدف هو تحقيق تكامل حقيقي في سلسلة التأمين. فعندما تستخدمين أدواتٍ مثل العملة المستقرة لنقل أموال المدفوعات، فأنتِ بحاجة إلى ربط جوانب عملية التأمين برمتها، بداية من الاكتتاب في التأمين حتى سداد المدفوعات. وبتحملنا لبعض هذه المخاطر بأنفسنا، يكون لدينا قدر أكبر من السيطرة والقدرة على إيصال المدفوعات للمزارعين بشكل أسرع.

والابتكار لا يتعلق دوماً بتطوير تكنولوجيا جديدة، بل أيضاً بتبسيط الإجراءات حتى تثمر التكنولوجيا التي نقوم بتطويرها نتائجَ ملموسة على أرض الواقع وبكفاءة.

[سارة حداد، البنك الدولي]  مع توقع انضمام أكثر من مليار شاب للقوى العاملة في العقد المقبل، كيف يمكن تحسين الفرص المتاحة لهؤلاء الشباب في مجال الصناعات الزراعية؟

[روز غوسلينغا] تمثل الوظائف أهميةً بالغةً للقطاع الزراعي. وتعاني الزراعة من الشيخوخة والعزوف عن أنشطتها في جميع أنحاء أفريقيا، ومع ذلك هناك الكثير من الشباب الذين لا يرون سبيلاً واضحاً ومستقراً لكسب لقمة العيش منها.

وما تعلمناه في "بولا" هو أن أنظمة التأمين والأنظمة الحكومية وتسجيل المزارعين جميعها بحاجة إلى العمل معاً. فبدون السجل السليم والصحيح، لن نستطيع معرفة من ندفع له، ومن المؤمن عليه، ومن هو المؤهل للحصول على الائتمان. ويؤدي بناء هذه الأنظمة إلى توفير الوظائف. ففي أوغندا، على سبيل المثال، قُمنا بالتعاون مع الحكومة لتسجيل نحو 1.5 مليون مزارعٍ للبن، مما أدى إلى توظيف 4500 شاب للعمل في جمع البيانات، وقد نجحوا بعد ذلك في العثور على عمل إضافي في مجالات استقصاءات التأمين، وتقييم المطالبات، وتتبع الصادرات.

وأعتقد أن الرقمنة ستسهم في تحفيز الموجة القادمة من الوظائف في الزراعة، حيث يحتاج المزارعون إلى ممثلي الشركات والوكلاء لشرح الأدوات الرقمية والقروض والتأمين. ومع اعتماد المزارعين الأصغر سناً للتكنولوجيا، ستزداد إنتاجية المزارع، مما يجعل الزراعة مهنة عصرية ومجدية لمن يعمل بها.

[سارة حداد، البنك الدولي] ما هو المزيد الذي يمكن أن يقدمه الشركاء مثل مجموعة البنك الدولي لتحفيز الابتكار في قطاع الصناعات الزراعية ومساعدة الشركات مثل “بولا”  - وصغار المزارعين من المستفيدين - على النجاح؟

[روز غوسلينغا] يُعد التعاون بين مختلف مؤسسات مجموعة البنك الدولي أمراً بالغ الأهمية. ولكن التكامل بين القطاعين الخاص والحكومي ضرورة قصوى في قطاع الزراعة، نظراً لدوره الحيوي في توفير الوظائف وتحقيق الأمن الغذائي.

ونحن في شركة "بولا" نقوم بالتأمين على 5 ملايين مزارع سنوياً من خلال اتفاقيات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ففي زامبيا، على سبيل المثال، يحصل شخص واحد من بين كل ثلاثة أشخاص على خدماتنا التأمينية بفضل الشراكة مع الوزارات ومقدمي الائتمان.

ويمكن لمجموعة البنك الدولي أن تساعد في سد الفجوة في الاستثمار الخاص ومشاركة الحكومة، بما يضمن توسيع نطاق المستفيدين من الابتكارات. ويعتمد النمو الزراعي على قوة السياسات والشراكات بين القطاعين العام والخاص. ويسهم ما نقدمه من خدمات التأمين في بناء القدرة على الصمود. وهي وإن كانت لا توفر حلاً لجميع المشكلات، فهي خطوة ملموسة على أرض الواقع.

ويمكن أن تؤدي استدامة نمو الإنتاجية إلى خفض تكاليف الغذاء، وتحرير دخل الأسر المعيشية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية على نطاق أوسع.

[سارة حداد، البنك الدولي] شكراً لك روز على هذا الحوار.

مقابلة مع بيتر ماتيرو، كبير مسؤولي البرامج بمؤسسة ماستر كارد

يناقش بيتر ماتيرو من مؤسسة ماستركارد، وآبيبي أدوغنا، المدير الإقليمي لشؤون الرخاء بمنطقة غرب ووسط أفريقيا بالبنك الدولي، الشمولَ المالي والوظائفَ والفرصَ الرقمية للشباب في أفريقيا.

Partner Peter Materu -Mastercard Foundation

[آبيبي أدوغنا] شكراً لك، بيتر، على انضمامك إلينا. على الرغم من بذل سنوات من الجهد، لا يزال الشمول المالي في أفريقيا محدوداً، لاسيما بين النساء والشباب والمجتمعات المحلية المهمشة. فما هي المعوقات الرئيسية التي تحول دون إحراز تقدم، وهل هناك أمثلة على شراكاتٍ ساعدت في تعزيزه وتوسيع نطاقه؟

[بيتر ماتيرو] شكراً لك "آبيبي". في الواقع، حققت أفريقيا تقدماً ملحوظاً في مجال الشمول المالي، لكن الاستفادة منه لا تزال محدودة ومتفاوتة. وتُعتبر البنية التحتية الرقمية أكبر عائق أمام تحقيقه، فالعديد من المناطق الريفية لا تزال تفتقر إلى إمكانية الوصول الموثوق، ناهيك عن بطء الاستثمارات. ولا يمتلك سوى نحو 30% من البالغين هواتفَ ذكية، مما يحد من إمكانية الوصول إلى المدفوعات الرقمية، لا سيما بالنسبة للمرأة التي تتخلف عن الرجل بنحو عشر نقاط مئوية.

نحتاج أيضاً إلى أنظمة دفع قابلة للتشغيل البيني حتى يتمكن المستخدمون من تحويل الأموال بسهولة عبر المنصات وتتمكن الشركات الجديدة من المنافسة. ولا تزال العوائق المصرفية التقليدية قائمةً أيضاً، فمتطلبات الضمانات تستبعد الشباب والفئات ذات الدخل المنخفض. ونعمل على تغيير ذلك من خلال تسهيلات المشاركة في تحمل المخاطر وحلول الائتمان الرقمية التي تجعل إقراض الشباب مجدياً وقابلاً للاستمرار.

في مؤسسة ماستركارد، يشكل الشمول المالي عنصراً محورياً لتحقيق رسالتنا. فمنذ عام 2018، قمنا بتخصيص نحو 3.4 مليارات دولار، مما عاد بالنفع على أكثر من 25 مليون شخص، وأسهم في فتح المجال أمام أكثر من 700 مليون دولار من استثمارات القطاع الخاص. ودخلت المؤسسة في شراكة مع بنوك مثل "إيكويتي" و"كيه سي بي" في كينيا و"أبسا" في غانا لمساندة إقراض الشباب بدون ضمانات. وفي إثيوبيا، تقوم شركة "كيفيا"، وهي شريكنا هناك، باستخدام البيانات الرقمية لبناء سجل التاريخ الائتماني، ونقوم بعمل مماثل في أوغندا بالاشتراك مع شركة "غنوغريد".

نعمل أيضاً على تعزيز الشمول المالي للمرأة من خلال صندوق النمو في أفريقيا الذي يساند صناديق الاستثمار التي تقودها النساء، مما يساعد على جذب رأس المال وتغيير التصورات عن أفريقيا باعتبارها مقصداً للاستثمار.

وأخيراً، يسهم صندوق الاستثمار التحفيزي في أفريقيا في مساعدة منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة في مراحل نموها، مما يكمل عملنا مع منشآت الأعمال الأصغر حجماً. ومن خلال إثبات قدرة الشركات الأفريقية على المنافسة وجدوى الاستثمار فيها، فإننا نستهدف أيضاً تغيير النظرة السائدة عن الأسواق ورواد الأعمال في أفريقيا. ولا يمكن لأي مؤسسة أن تقوم بحل هذه المسألة بمفردها، لكننا نأمل أن تلهم جهودنا استثمارات أوسع نطاقاً في مجال التمويل الشامل للجميع.

[آبيبي أدوغنا] لقد حددت مؤسستكم هدفاً طموحاً يتمثل في تمكين 30 مليون شاب أفريقي من الحصول على عمل كريم بحلول عام 2030. وهذا هدف جريء وملهم. فما هو نهجكم لتحقيقه، وهل أدى ذلك إلى بروز نماذج قابلة للتوسع؟

[بيتر ماتيرو] نعم ، لقد قطعنا هذا الالتزام في عام 2018 للخروج من دائرة العمل المعتاد. وحتى الآن، قمنا بتمكين أكثر من 19 مليون شاب من الحصول على عمل كريم، ونحن في طريقنا إلى تمكين 30 مليوناً بحلول عام 2030. ولكن حتى هذا لا يمثل سوى جزء بسيط من التحدي، فبحلول ذلك العام سيكون أكثر من 500 مليون شاب أفريقي يبحثون عن فرص عمل. ولهذا يجب علينا أن نتحرك بشكل أسرع في الوقت الذي لا تزال فيه الفرصة الديموغرافية متاحة.

نركز على ثلاث أولويات، هي:

الأولى، يجب أن يتوافق التعليم - لاسيما التعليم الثانوي الذي يمثل في رأينا مساراً رئيسياً للحصول على عمل، والتدريب الفني والمهني - مع احتياجات سوق العمل.

الثانية، المهارات وقابلية التوظيف، حيث يُنهي الكثير من الشباب دراستهم لكنهم لا يستطيعون الالتحاق بالوظائف. وتقيم المؤسسة شراكات مع بعض المجموعات مثل مجموعة القيادات الأفريقية لتقديم برامج قصيرة المدة في مجالات محددة مثل الأمن السيبراني، ونظم البيانات، والذكاء الاصطناعي تربط الخريجين بشكل مباشر بأرباب العمل.

الثالثة، الانتقال من المشروعات إلى البرامج، فالعمل الكريم لا يقتصر على إجراء تدخلي منفرد، بل هو رحلة تبدأ باكتساب المهارات ثم العثور على عمل والتقدم فيه. ولهذا نقوم بالاستثمار في المؤسسات ونتصدى للعوائق النظامية، مثل الفجوات في السياسات، ومحدودية القدرة على النفاذ إلى الأسواق، والأنماط الفكرية العتيقة.

ونشدد أيضاً على القدرة الذاتية على الاختيار - أي مساعدة الشباب على الإيمان بقدرتهم على تشكيل مستقبلهم بأنفسهم. ويمكن أن يؤدي هذا التحول في طريقة التفكير إلى إحداث أثر تحويلي ممتد في حياة الشباب المنحدرين من خلفيات ريفية فقيرة.

[آبيبي أدوغنا] لقد أبرزت في حديثك أهمية التعليم والمهارات، ولكن حتى مع وجود المواهب، فإن العديد من الاقتصادات تفتقر إلى الشركات القادرة على التوظيف أو النمو. فهل يتمثل التحدي الرئيسي في جانب العرض - المهارات واستعداد الشباب للعمل - أم في جانب الطلب، بمعنى محدودية فرص العمل؟

[بيتر ماتيرو] كلا الجانبين له أهميته البالغة، ونحاول معالجة الاثنين معاً. وغالباً ما نقول: التقوا بالشباب أينما كانوا وساندوهم طوال مسيرتهم. وهذه المسيرة تبدأ بالتعليم واكتساب المهارات المناسبة.

والخطوة التالية هي ربط الشباب بالفرص المتاحة، بمعنى ربط التدريب مباشرة بأرباب العمل أو بريادة الأعمال. غير أن جانب الطلب لا يقل في أهميته، إذ يجد اثنان أو ثلاثة فقط من كل عشرة شباب أفارقة يصلون سن البلوغ عملاً بأجر في القطاع الرسمي. ولهذا تصبح ريادة الأعمال أمراً ضرورياً. وقد نجح معظم الشباب ممن قدمنا لهم المساندة والبالغ عددهم 19 مليوناً في العثور على عمل من خلال العمل الحر.

ومن أجل تحقيق استدامة هذا النوع من العمل، ندخل في شراكة مع البنوك ونستخدم آليات المشاركة في تحمُّل المخاطر حتى يمكنها إقراض رواد الأعمال الشباب دون ضمانات. وعندما تنظر المؤسسات المالية إلى أن هناك مجالاً للاستثمار في الشباب، فإن المنظومة تنمو بأكملها، وهكذا يتم توفير الوظائف على نطاق واسع.

[آبيبي أدوغنا] لقد ذكرتَ التكنولوجيا الرقمية عدة مرات. مع الثورة الرقمية وثورة الذكاء الاصطناعي التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، كيف ترى آفاقها ومخاطرها في أفريقيا؟ وكيف يمكن للبلدان الاستفادة المُثلى من هذه الأدوات؟

[بيتر ماتيرو] دائماً ما أقول إن التكنولوجيا الرقمية أصبحت بمثابة الُبعد الرابع للإلمام بمهارات القراءة والكتابة الأساسية، حيث باتت ضرورة في جميع القطاعات. وسواءً كان ذلك في القطاع المالي أو الزراعة أو التعليم أو الصناعات الإبداعية، فقد أصبحت التكنولوجيا الرقمية الآن عنصراً أساسياً، ومع الذكاء الاصطناعي تزداد أهميتها باستمرار.

ويظل التحدي الرئيسي ماثلاً في البنية التحتية الرقمية، لا سيما في المناطق الريفية. وحتى إن وُجدت، فإن القدرة على تحمل التكاليف تشكل عائقاً في حد ذاته، فارتفاع تكاليف تشغيل البيانات والنطاق الترددي يحول دون اتصال الكثيرين بشبكة الإنترنت، ناهيك عن ضرورة توافر أنظمة قابلة للتشغيل البيني لربط المستخدمين عبر المنصات.

وتختلف أطر السياسات من بلد إلى آخر، غير أن العديد من الحكومات أصبح على وعي كامل الآن بالحاجة الملحة للتحول الرقمي. ويمكن لمجموعة البنك الدولي أن تضطلع بدور رئيسي في هذا الشأن، حيث يمكنها مساندة البنية التحتية، وتوسيع نطاق الحصول على الخدمات، بالإضافة إلى تهيئة البيئات التي يمكن أن يزدهر فيها الابتكار.

وفي نهاية المطاف، سيتوقف إحراز التقدم على التعاون بين الحكومات والجهات الفاعلة في القطاع الخاص وشركاء التنمية لضمان وصول المنافع الرقمية إلى الجميع.

[آبيبي أدوغنا] تواجه أفريقيا مشهداً تنموياً معقداً، حيث تشهد نمواً سكانياً، وفرصَ عمل محدودة، وتزايداً في الديون، وتراجعاً في المعونات. كيف يمكن للمؤسسات مثل ماستركارد والبنك الدولي العمل معاً بقدر أكبر من الفاعلية؟ وهل هناك حاجة إلى إجراء تحولاتٍ على مستوى السياسات أو البرامج؟

[بيتر ماتيرو] بحلول عام 2050، سيعيش معظم سكان العالم في سن العمل في أفريقيا. وفرصة الاستعداد لهذا المستقبل تضيق بسرعة، مما يضفي أهمية بالغة على مثل هذا التعاون.

ونحن في مؤسسة ماستركارد نستهدف توسيع نطاق الأثر بمرونة وشمول. ولكن التصدي للتحديات التي تواجهها أفريقيا يتطلب العمل مع شركاء تلتقي أهدافهم مع أهدافنا، وهو ما يجعل التعاون مع البنك الدولي له قيمة كبيرة.

وقد عملنا بالفعل معاً من خلال المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سيجاب) للنهوض بالمدفوعات الرقمية والشمول في جميع أنحاء أفريقيا، ومن خلال مبادرة تكنولوجيا التعليم، لمساندة رواد الأعمال الذين يدمجون الأدوات الرقمية في الفصول الدراسية حتى يتمكن الشباب من اكتساب مهارات الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية في وقت مبكر من حياتهم.

وبالإمكان تعميق هذه الشراكات وتوسيع نطاقها. وبفضل القيادة القوية والهدف المشترك، فإنني على ثقة من قدرتنا على تحقيق المزيد من الإنجازات معاً.

[آبيبي أدوغنا] شكراً لك يا بيتر. ونود مواصلة هذا الحوار، وخاصة حول الشمول المالي في كينيا وغانا وإثيوبيا. فدعنا نرتب لمتابعة هذا الأمر مع فرق العمل لدينا.

[بيتر ماتيرو] بالتأكيد - سيكون من دواعي سروري. وإنني أتطلع إلى مناقشة ليس فقط "ما" يمكن أن نفعله سوياً، بل أيضاً "كيف" نفعل ذلك. وهنا يكمن التحدي الحقيقي، وهنا تتاح الفرصة أيضاً.

مستقبل الوظائف في أفريقيا: ضرورة الشمول للجميع

تتجاوز الوظيفة مجرد كونها راتباً شهرياً، فهي سبيل تحقيق الكرامة والشمول والتحوّل. وبالنسبة لشباب أفريقيا، تمثل الوظائف حلقة الوصل بين الاستفادة من الإمكانات وتحقيق الرخاء. ومع ذلك، سيظل من غير السهل الحصول على الوظائف بالنسبة للكثيرين ما لم نعيد النظر في أساليب إعدادها وتصميمها وتوفيرها وتوزيعها على الجميع.

تفيد بيانات مؤشر جودة الوظائف الذي سيتم إطلاقه قريباً من جانب المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي أن معظم الوظائف اليوم لا تحقق دخلاً عادلاً أو فرصاً للنمو، بل ولا توفر الأمان.

في إطار نقاشنا حول فرص العمل والوظائف خلال الاجتماعات السنوية لهذا العام، دعونا نتذكر حقيقة بسيطة ألا وهي: التحول الاقتصادي المستدام يجب أن يشمل الجميع دون استثناء.

يدخل ما بين 10 و 12 مليون شاب أفريقي سوق العمل كل عام. وبحلول عام 2050، ستحتاج أفريقيا إلى أكثر من 70 مليون وظيفة جديدة سنوياً لتلبية الطلب المتزايد. ومع ذلك، فإن عدد الوظائف الرسمية التي تُخلق حالياً لا يتجاوز 3.1 مليون وظيفة، مما يترك الملايين بلا عمل أو يناضلون لكسب رزقهم في القطاع غير الرسمي. وحتى الوظائف الرسمية غالباً لا توفر الأجور والمزايا التي تفي بالاحتياجات.

جدير بالاعتبار أن عدداً كبيراً للغاية - لا سيما النساء والشباب في المناطق الريفية والأشخاص ذوي الإعاقة - محرومون تماماً من أي فرص.

في عام 2023، بلغ عدد الشباب العاطلين عن العمل في أفريقيا 29.9 مليوناً، فيما ظل أكثر من 100 مليون يعانون من البطالة الجزئية، عالقين في وظائف غير مستقرة أو يعملون في القطاع غير الرسمي. وفي بعض البلدان، تتجاوز معدلات البطالة بين الشباب 35%، مما يفاقم عدم الاستقرار ويدفع بموجات الهجرة.

في قلب هذه التحديات، تكمن فرص استثنائية قد تُغيّر الموازين.

فسرعان ما ستكون أفريقيا موطناً لأكبر قوى عاملة على وجه الأرض. ومن خلال استثماراتنا في الأنظمة المناسبة، ستصبح هذه القوى العاملة الأفريقية داعمة مستمرة للنمو العالمي في عالم يشهد تسارعاً في معدلات الشيخوخة.

من الشعارات الرنانة إلى الإصلاح على أرض الواقع

إننا في المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي نؤمن بأن الإصلاح الهادف يبدأ بهذه الأنظمة. وعلى مدى العامين الماضيين، عملنا مع الحكومات ومؤسسات التدريب وأرباب العمل والشركات وشركاء التنمية في غانا ورواندا وأوغندا وكوت ديفوار وإثيوبيا والنيجر لتغيير مكانة وتوجهات التعليم والتدريب الفني والمهني ليصبح محركاً للنمو الشامل للجميع.

لقد كانت النتائج التي توصلنا إليها كاشفة للكثير من الحقائق.

على الرغم من أن أكثر من 600 ألف شاب وشابة يلتحقون بمؤسسات التعليم والتدريب الفني والمهني في تلك البلدان، فإن من بين كل خمسة نجد فتاة أو امرأة واحدة. وبينما تتراوح نسبة المؤسسات العامة بين 70% و90% من مجمل مؤسسات التعليم والتدريب الفني والمهني في أفريقيا، فإن هذه البلدان تستثمر أقل من 5% من موازنتها التعليمية في هذه المؤسسات، وهو ما يُعد أقل بكثير من النسبة التي توصي بها اليونسكو والتي تتراوح بين 10% و20%.

الأمر الأكثر إثارة للقلق أن أقل من 15% من برامج التدريب تستفيد من آراء أرباب العمل والشركات، في حين أن أقل من ربع البرامج فقط تدمج مهارات الاقتصاد الرقمي أو الأخضر، وذلك على الرغم من تزايد الطلب على الخبرات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والطاقة النظيفة، والزراعة الذكية المراعية للمناخ.

على الرغم من هذه التحديات، فإن بوادر التغيير بدأت تلوح في الأفق. ففي رواندا، هناك برامج تجريبية بشأن المجالس الوطنية للمهارات بهدف مواءمة برامج التدريب مع احتياجات سوق العمل. وتخطو غانا خطوات جريئة بدمج المهارات الرقمية والمناخية في مناهجها الوطنية للتعليم والتدريب الفني والمهني. أما في أوغندا، فإن أصحاب الحرف المتمرسين في القطاع غير الرسمي يحققون تقدماً ملحوظاً في الحصول على الشهادات المهنية وشهادات الاعتماد.

كما لاحظنا تصاعداً ملحوظاً في الزخم الدافع لخدمات التمويل المستند إلى الأداء، وهو نهج يربط التمويل المقدم لمؤسسات التعليم والتدريب الفني والمهني بالنواتج، مثل معدلات التشغيل، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز الشراكات مع القطاعات الصناعية. وتشير هذه التحولات في السياسات إلى بناء منظومة أكثر استجابة وشمولاً للجميع وخاضعة للمساءلة.

الشمول لا يتحقق إلا بالتخطيط المسبق والإصرار

الشمول ليس محض صدفة، بل هو عمل مقصود يتطلب إدماجه في كل سياسة وكل برنامج.

اليوم، نجد أكثر من 25% من الشباب في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء لا يذهبون إلى المدرسة ولا يحصلون على فرص عمل أو برامج تدريب. وتواجه الشابات وذوي الإعاقة عوائق أكثر حدة تتمثل في محدودية فرص التدريب، والمخاوف والشواغل المتعلقة بالسلامة، والتوقعات المجتمعية التي تقيّد إمكاناتهم. كما أن شباب المناطق الريفية غالباً ما يُحرمون من الوصول إلى المراكز والأماكن التي بها وظائف أو فرص عمل أو تدريب بسبب بعدهم الجغرافي عنها.

في الوقت ذاته، يعمل معظم العمال في أفريقيا في القطاع غير الرسمي، الذي يشكّل ركيزة اقتصاداتنا، غير أنهم نادراً ما يُدرجون في البرامج الرسمية لبناء المهارات أو خطط سوق العمل.

لمعالجة أزمة الوظائف، لا بد من البدء بالفئات التي غالباً ما تتعرض للإقصاء والاستبعاد. ويستوجب ذلك أن يكون التدريب مرناً، ومحلياً، وميسور الوصول. ويعني ذلك أيضاً الاعتماد على بيانات أكثر دقة وتعزيز التعاون مع المجتمعات المحلية، وليس الاقتصار على المؤسسات فقط.

لحظة عالمية للتكاتف والعمل الجماعي

مع تحول أفريقيا إلى المنطقة الأكثر شباباً والأسرع على مستوى التنمية الحضرية والعمرانية في العالم، فإن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة باتت في ذروتها. وإذا ازدهر شباب أفريقيا، فإن العالم يزدهر معهم، لأن مستقبلهم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقدم العالمي.

إننا نهيب بشركائنا العالميين أن يستثمروا في برامج إصلاحية تقودها البلدان الأفريقية وتستند إلى الأدلة والشواهد، بهدف دعم توسيع نطاق البرامج الفعالة، مع إعلاء قيمة العدل والإنصاف كمبدأ أساسي.

تجدر الإشارة إلى أن المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي سيظل ملتزماً بتوفير فرصة حقيقية لكل شاب أفريقي - ولكل شخص، في كل مكان - للحصول على وظيفة كريمة تليق به.

إن مستقبل أفريقيا سيكون مشرقاً إذا ضمنا شمول الجميع دون إقصاء لأحد.

غرس البذور من أجل خلق فرص العمل، ودعم المجتمع، وبناء القدرة على الصمود في غرب كينيا

Kevin Makova, Founder & CEO of Forezava, 2024 Max Thabiso Edkins Climate Ambassador

عندما تزرع بذرة، عليك أن تضمن حصولها على الغذاء اللازم وتنظر بثقة إلى نموها. وينطبق المبدأ ذاته على الوظائف. فمنذ سبع سنوات، عندما كنت في الرابعة والعشرين من عمري، جمعت مجموعة من أصدقائي في قريتي الواقعة بغرب كينيا، لنؤسس معاً منصة فوريزافا. هذه المنصة التي يقودها الشباب تعمل على تزويد الشباب والنساء بالمهارات والموارد والفرص اللازمة لقيادة مشاريع صغيرة تدر دخلاً وتحقق النفع للمجتمع المحلي.

مسقط رأسي مقاطعة فيهيغا، وهي منطقة يغلب عليها الطابع الريفي، حيث تبدو فرص الحصول على وظيفة لائقة شبه مستحيلة، فيما تواجه الزراعة التي نعتمد عليها تهديداً متزايداً نتيجة التدهور البيئي. وبحكم خلفيتي الأكاديمية في مجال التعليم، كنت، كمعلم، أتأمل طلابي وأتساءل: كيف يمكننا مساعدة الشباب على البقاء في مجتمعاتهم وخلق فرص لأنفسهم هنا؟ كنت أسعى لإبراز أفكار الشباب حول احتياجات مجتمعاتنا المحلية، مع ضمان تحقيق فائدة مباشرة لهم. وكان الأمر بالنسبة لي، يتعلق الأمر ببناء جسور التواصل وتمكين الجيل القادم من مواجهة التحديات المحلية بأساليبهم الخاصة.

لقد قمنا بتطوير منصة فوريزافا استناداً إلى نصيحة بسيطة تلقيتها يوماً: "فقط ابدأ". إذا رأيت مشكلة أو فرصة في مجتمعك المحلي، ابدأ فوراً. افعل ما يمكنك القيام به اليوم، ولا تنتظر الغد؛ وما يمكنك إنجازه الآن، لا تؤجله. ومع مرور الوقت، ستتراكم لديك المعارف والمهارات، وستجد نفسك تدريجياً محاطاً بنظام داعم يمدك بالقوة والإلهام.

تقوم منصة فوريزافا على بناء الثقة والثقة في إمكانات الآخرين. نحن نثق بأن الشباب يدركون احتياجات مجتمعاتهم ويعرفون نقاط قوتهم. ومن هنا، نقدم لهم الدعم الذي يحتاجون إليه لتنفيذ حلول عملية وملائمة، تساهم في خلق فرص العمل وبناء القدرة على الصمود.

من بين برامجنا المميزة تبرز مبادرة تنمية المشاريع في المجتمعات المحلية، التي تعمل على تمكين الشباب مثل لافين، التي عادت إلى وطنها بعد التخرج من برنامج دراسي عن مسح الأراضي. ومع دعمنا لها لتأسيس شركتها الناشئة، قمنا بتنظيم فعالية مجتمعية لتعريف أصحاب المصلحة والأطراف المعنية على مستوى المجتمع المحلي بمشروعها الجديد وإبراز كيف يمكن لخدماتها في مجال مسح الأراضي أن تكون مفيدة لهم. ومن بين المستفيدين الآخرين من هذه المبادرة، أديكا، الذي كان يرغب في استثمار قطعة أرضه الصغيرة لتحقيق دخل لكنه لم يكن يعرف من أين يبدأ. وقد ساعدناه على معرفة الإمكانات المتاحة، وأرشدناه بشأن إجراءات تسجيل مشروعه وفتح حساب بنكي. وخلال ثلاث سنوات من التعاون، نجح أديكا في تحويل أرضه إلى مزرعة نموذجية تنتج الخضروات والموز والزهور والشتلات لزراعة الأشجار الأصلية وأشجار الفاكهة. ولم يقتصر مشروع أديكا على تأمين سبل كسب عيشه، بل عمل على توفير فرص عمل للشباب الآخرين ونقل المعارف الزراعية ذات القيمة المضافة الكبيرة إلى جيل جديد.

ومنذ إطلاقنا لمنصة فوريزافا في عام 2018، شهدتُ تغيراً جوهرياً في مجتمعي. لقد قمنا بتدريب أكثر من 5 آلاف شخص، ودعم 50 مجموعة من الشباب والنساء لتأسيس مزارع ذكية تراعي الظروف المناخية، وزرعنا أكثر من 100 ألف شجرة، واستصلحنا 10 كيلومترات من الأراضي المطلة على مسطحات مائية لتعزيز الأمن الغذائي وبناء القدرة على الصمود. وتعمل عشرة أندية مدرسية تابعة للمنصة على دمج مفاهيم الحفاظ على البيئة في المناهج الدراسية، في حين تجمع مبادرات المنصة الأخرى بين الفنون البصرية والرياضة وتقنية بلوك تشين لتحفيز الابتكار وتعزيز الوعي البيئي. لقد رأيت الشباب الذين كن نعمل معهم يبنون منصاتهم الخاصة ويحققون الاستقلالية.

أبرزت منصة فوريزافا إمكانية تعظيم الاستفادة من الإمكانات المتاحة عندما تتلقى المجتمعات الدعم اللازم لإيجاد حلولها الخاصة للمشكلات المحلية. وبالتالي، علينا تسليط الضوء على المزيد من قصص النجاح عن الأفكار التي نجحت في تحقيق تحولات نوعية في المجتمعات، حتى وإن بدت بسيطة. على سبيل المثال مشروع ازرع شجرة Seed2Tree، حيث نأخذ الشباب إلى الغابات لجمع البذور الأصلية، ثم نعيد زراعتها في مزرعة فوريزافا. وبمجرد أن تنمو الشتلات، نبيعها في الأسواق القريبة، وبالتالي نعمل على تحقيق الدخل وتجديد النظم البيئية. وفي قريتنا، يتم تنفيذ هذا العمل البسيط والضروري بشكل مستمر عبر أجيال متعاقبة.

الفرص على مستوى المجتمعات المحلية هائلة، فالشباب ليسوا مصادر غنية بالأفكار فحسب، بل يقدمون بالفعل حلولاً مبتكرة تستحق الاستثمار.

فتح الآفاق لتشغيل الشباب: أسلوب عمل ناجح

Mona Mourshed is the founding CEO of Generation: You Employed

التشغيل من أقوى الأدوات الفاعلة لإنهاء الفقر، حيث يعزّز الدخل المتحقق من الوظيفة قدرة الأفراد على تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية، وتكوين المدخرات، ودعم من يعولون.

وعلى الرغم من إنفاق عشرات المليارات من الدولارات سنوياً من جانب القطاعين الحكومي والاجتماعي في مختلف أنحاء العالم لإعداد الشباب العاطلين عن العمل لدخول سوق العمل، فإن معدلات التشغيل لا تزال متدنية. وتغيير هذه الديناميكية المخيبة للآمال يتطلب إعادة هيكلة برامج التدريب المهني والقوى العاملة لتُركز على التشغيل كهدف أساسي بدلاً من الاكتفاء بالتدريب فقط، ولمدة تمتد لأسابيع بدلاً من سنوات. ويزداد هذا الأمر إلحاحاً مع التحولات السريعة التي يُحدثها الذكاء الاصطناعي في حجم وأنواع الوظائف المتاحة على مستوى العالم.

تعمل مؤسسة "الجيل Generation"، التي أتولى قيادتها، وهي مؤسسة عالمية غير ربحية، على تكريس جهودها للتشغيل وإيجاد فرص العمل من خلال تدريب البالغين على تولي وظائف جديدة. كما تعمل المؤسسة على مستوى 40 مهنة عبر 17 بلداً، منها بلدان في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، فضلاً عن التعاون مع 22 ألف شركة. ومنذ تأسيسها في عام 2015، قامت المؤسسة بتخريج 142 ألف متخصص. الجدير بالذكر أن أكثر من 70% من الخريجين حاصلون على تعليم ثانوي أو مهني، ونصفهم من النساء، و88% بين سن 18 و29 عاماً. واللافت أن 90% من المشاركين في برامجنا كانوا عاطلين عن العمل عند بداية التحاقهم، ونصفهم يعانون من بطالة طويلة الأمد.

أظهرت التجارب أن معظم برامج التدريب المهني والقوى العاملة تركز أساساً على التدريب، مع إشراك محدود لأصحاب العمل والشركات. وفي مؤسسة «الجيل»، يُعد التدريب جزءاً واحداً فقط من نهجنا الشامل الذي يهدف إلى تمكين الشباب العاطلين عن العمل من الوصول إلى مسارات مهنية بأجر مستقر يلبي احتياجات المعيشية. وتبدأ منهجيتنا المكونة من 7 خطوات بتجميع الوظائف الشاغرة لدى الشركات. ثم يتبع ذلك استقطاب المتدربين وتنفيذ برنامج متخصص يتراوح في مدة تتراوح بين 6 إلى 16 أسبوعاً. هذا البرنامج يجمع بين المهارات الفنية والسلوكية وأساليب التفكير اللازمة للمهام التي سيقوم بها الخريجون في وظائفهم. وإلى جانب التدريب، نوفر خدمات دعم اجتماعي تشمل الإرشاد والتوجيه. وبعد إتمام البرنامج، يُجري أصحاب العمل مقابلات مع الخريجين لتعيينهم. ونستمر في التواصل مع خريجينا أثناء عملهم ونحرص على تعزيز روح الانتماء الجماعي بينهم.

جدير بالاعتبار أننا نقوم برصد ومتابعة بيانات التشغيل والدخل والرفاهية لخريجينا على فترات منتظمة بعد انتهاء البرنامج: 3 أشهر، و6 أشهر، وسنة واحدة، ثم سنوياً لمدة تصل إلى خمس سنوات. وحتى الآن، جمعنا 57 مليون نقطة بيانات تغطي هذا الإطار الزمني. وتزودنا هذه البيانات بفهم أعمق حول ما إذا كان خريجونا يحققون حراكاً اقتصادياً لأنفسهم وأسرهم، مما يساعد على كسر حلقة الفقر الممتدة عبر الأجيال. وعلى الرغم من أن معظم البرامج المهنية وبرامج القوى العاملة لا تتابع النواتج متوسطة وطويلة الأجل لصعوبة هذا الأمر وارتفاع تكاليفه، فإن ذلك ليس بالضرورة الوضع في مؤسسة الجيل، فلدينا لا يتطلب تتبع النواتج على مدى الإطار الزمني المحدد سوى 1% من إجمالي تكلفة البرنامج لكل مشارك في التدريب.

ما النتائج التي تحققت؟ خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر من استكمال البرنامج، يحصل 83% من خريجي مؤسسة «الجيل» على وظائف. وهذه النتائج تُظهر استدامة واضحة بمرور الوقت، حيث إن 76% من الخريجين يستمرون في وظائفهم بعد مرور عامين إلى خمسة أعوام على تخرجهم، ويستطيع 80% من العاملين منهم تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية، بينما يحقق 73% منهم دخلًا يفوق الأجور المطلوبة للوفاء بمتطلبات المعيشية. وقد بلغ إجمالي أجور خريجينا حتى الآن ملياري دولار.

جدير بالذكر أننا نعمل مع 10 حكومات حول العالم. ففي الهند، على سبيل المثال، تتعاون مؤسسة الجيل مع المؤسسات الوطنية وحكومات الولايات في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، بتمويل من الحكومة والمؤسسات الخيرية. وقد شارك البنك الدولي في تمويل أول مشروع تجريبي لمؤسسة الجيل في الهند بالتعاون مع الحكومة. وترتكز هذه الشراكة على إعادة تصميم آليات تعويض مقدمي التدريب من جانب الحكومة، بالإضافة إلى دعم مقدمي التدريب الحاليين لتطبيق أسلوب عمل مؤسسة الجيل المكون من 7 خطوات. وقد أسفر هذا التعاون عن نتائج بارزة، حيث ارتفعت معدلات التشغيل لدى مقدمي التدريب من 25% إلى أكثر من 80% في غضون أشهر.

نعتقد أن الشركاء في القطاعين الحكومي والاجتماعي يمكنهم تحقيق زيادة في معدلات التشغيل ودخل الشباب من خلال إعادة توجيه الموارد المتاحة نحو برامج شاملة تستند إلى البيانات مع متابعة هذه البيانات. وتزداد أهمية هذا النهج اليوم مع تزايد تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل في البلدان متوسطة الدخل، حيث بدأت الوظائف الشاغرة للمبتدئين في المهن ذات الأجور التي تستوفي المتطلبات المعيشية في التراجع. فعلى سبيل المثال، في بلدان بأمريكا اللاتينية، تراجعت الوظائف الشاغرة في قطاع التكنولوجيا للمبتدئين بنسبة 33% منذ مطلع عام 2025 (Talent Neuron). أما في الهند، فانخفضت هذه الوظائف بنسبة 42% بين الربع الأخير من عام 2024 وحتى الآن، وتراجعت وظائف المبيعات على مستوى المبتدئين بنسبة 45% في عام 2025.

إن الوظائف وحدها لن تكون كافية للقضاء على الفقر. ويجب أن تركز البرامج المهنية وبرامج القوى العاملة على منح الشباب المهارات الدقيقة والدعم المستدام لضمان حصولهم على فرص عمل طويلة الأجل.