المؤتمر الصحفي الافتتاحي لاجتماعات الربيع 2023
- عن الفعالية
- الفصول
- نص خطاب
تحدَّث رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس مع الصحفيين خلال اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2023. وقدم معلومات محدثة عن جهود مجموعة البنك الدولي لتوسيع نطاق مساندتها وتسريع جهودها لمساعدة البلدان على التصدي للأزمات المتداخلة الناجمة عن جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا وانعدام الأمن الغذائي وتفاقم آثار تغير المناخ. كما أطلعنا على وجهات نظره بشأن ما يجب على المجتمع الدولي القيام به للتصدي للتحديات الإنمائية العالمية في الأوقات الحالية وعلى المدى الطويل.
00:00 الترحيب
00:45 كلمة افتتاحية من رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس
الأسئلة والأجوبة
06:51 الصين في الاقتصاد العالمي
08:43 تخفيف أعباء الديون وإعادة هيكلتها للبلدان منخفضة الدخل
13:05 مصر: الديون، دعم القطاع الخاص، التحديات
16:50 توقعات النمو لأمريكا اللاتينية والبرازيل
20:08 نيجيريا: الاقتصاد والديون والإعانات
25:31 مشاركة الديون والأعباء / اضطرابات في القطاع المصرفي
32:50 تغير المناخ والديون
36:53 الأزمة الإنسانية في أفغانستان
40:24 تحول الطاقة في المغرب
43:21 الختام
السيد/ ثايس: صباح الخير. يسعدني رؤيتكم جميعا في هذه الساعة المبكرة. شكرا. أنا ديفيد ثايس، السكرتير الصحفي للبنك الدولي، وأشكركم على انضمامكم إلى هذا المؤتمر الصحفي لاجتماعات الربيع لعام 2023 مع ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي.
سيلقي السيد مالباس كلمة افتتاحية، ثم ننتقل إلى أسئلتكم. فهل لي أن اطلب في هذه الإحاطة المُسجَّلة عند طرح أسئلة يُرجَى ألا تزيد على سؤال واحد، والتعريف بنفسك وبالمؤسسة التي تعمل فيها. شكراً لكم، أرجو أن تكونوا جميعاً بخير.
السيد مالباس.
السيد/ مالباس: شكراً لك يا ديفيد. أُرحِّب بكم جميعاً. صباح الخير في هذه الساعة المبكرة. لقد سارت الاجتماعات على ما يُرام هذا الأسبوع. وكان هناك الكثير من الأنشطة. ويأتي ذلك في سياق اقتصاد عالمي يشهد تباطؤا في 2023. ويرجع هذا إلى استمرار التضخم، فأسعار النفط مرتفعة، وتعطَّلت خدمات الائتمان، ويمر العالم بهذه الفترة الطويلة من عودة أسعار الفائدة إلى مستوياتها العادية بعد فترة طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة بشكل مصطنع. ولذا، سيمضي بعض الوقت حتى يتم تعديل أسعار الأصول، وأيضا حتى تنتقل تدفقات رؤوس الأموال إلى استخدامات أكثر إنتاجيةً. وأفضل مخرج من هذا الوضع هو أن يتبنَّى العالم سياسات من شأنها زيادة مستويات النمو والإنتاج، وتحسين مستويات معيشة السكان. ولا شك أن ذلك هو ما يهدف البنك الدولي إلى تحقيقه للبلدان النامية.
يجب علينا الخروج من هذه الحلقة المفرغة التي يجري فيها استيعاب رؤوس الأموال في مجرد سداد الديون الوطنية، وفي مجرد السداد لأناس لديهم بالفعل أموال، ويجب أن تنتقل رؤوس الأموال إلى الاستخدامات الإنتاجية من أجل استثمارات جديدة. وتُظهِر تقاريرنا أن مستويات الاستثمار في البلدان النامية لا تكفي لزيادة معدلات نموها، بل أنها في كثيرٍ من الحالات، لا تضاهي استنزاف رأس المال الذي يجري في تلك البلدان.
وتشتد آثار ذلك كله على الفقراء. ورسالة البنك الدولي هي الحد من الفقر، وتحقيق الرخاء المشترك، والارتقاء بمستويات المعيشة على نحو مستدام. وكانت تلك هي نتيجة مناقشاتنا مع مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي بشأن تطوُّر عمل البنك. ونحن نتبنَّى حالياً جهداً طويل الأمد يستغرق إنجازه شهوراً طويلة. لن أخوض معكم في جميع التفاصيل، لكنني أود الإشارة إلى أنه كان هناك وضوح في الرؤية من جانب مجلس المديرين التنفيذيين بشأن إعادة التأكيد على هدف الحد من الفقر، وهو الهدف الرئيسي، وهدف تعزيز الرخاء المشترك. وهذا هو جوهر العمل، ويجري القيام به في هذا السياق--ويتطلب السعي لتحقيق هذين الهدفين زيادة التركيز على الاستدامة، والقدرة على الصمود، والشمول. وهكذا، يجري الآن العمل لتحقيق هذين الهدفين من خلال سياسات العمليات التي ينتهجها البنك الدولي.
ومن خلال تطوُّر هذه العملية أيضاً، أعلنا التزامنا بتعزيز نموذج عملياتنا لتدعيم خدماتنا لكل البلدان المتعاملة معنا. ويشمل هذا البلدان متوسطة الدخل وكذلك البلدان منخفضة الدخل. وكان هناك أيضاً تقاربٌ في الآراء بشأن سبل تعزيز القدرات المالية للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وذلك بخفض نسبة مساهمات أسهم رأس المال إلى القروض إلى 19%. وثمة مشروع تجريبي لرأس المال المختلط للمستثمرين في أسواق رأس المال. ويوجد برنامج لتعزيز الضمانات الثنائية. ويُمكِن أن تتيح كل هذه السبل مجتمعةً ما يصل إلى 50 مليار دولار من التمويلات الجديدة من البنك الدولي للإنشاء والتعمير على مدار السنوات العشر القادمة.
أود أن أشير إلى أن أمس كان يوماً حافلاً هنا في اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فقد اشتركتُ وشاركتُ غالباً في رئاسة اجتماعات بشأن تطور عمل بنوك التنمية متعددة الأطراف، وبشأن اجتماع المائدة المستديرة العالمي حول الديون الذي ناقشنا فيه بجدية سبل خفض الديون، وأود أن أشير إلى عدة أشياء انبثقت عن تلك الاجتماعات.
إحدى هذه الأشياء هي أهمية حُسْن توقيت العملية، حيث إن المستثمرين يحتاجون حقاً إلى نوعٍ من الثقة بشأن كيف تمضي العملية. وينبغي أن تبادل المعلومات في وقت مبكر، وسيتبادل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحليلات استمرارية القدرة على تحمُّل أعباء الديون في مستهل العملية، وإننا نعكف على وضع مذكرة بشأن القواعد في ذلك الأمر. وكانت هناك دعوة إلى الإفصاح عن العقود. فالشفافية ذات أهمية بالغة في إطار هذه العملية. وكانت هناك أيضاً مناقشات واتفاق على أنه يجب المشاركة في تحمل الأعباء بالتساوي فيما بين الدائنين في إطار عملية إعادة هيكلة الديون. وستُعقَد حلقة عمل حول هذا الموضوع، ستبدأ في مايو/أيار لمناقشة أساليب تحقيق ذلك الأمر.
وإضافة إلى مسألة الديون وبنوك التنمية متعددة الأطراف، جرت بالأمس أيضاً مناقشات بشأن أوكرانيا مع استمرار الحرب هناك. وكانت هناك اجتماعات لمجموعة العشرين استمرت في المساء في اجتماعات مجموعة السبع الليلة الماضية. وكان من المهم جداً أيضاً اجتماع لجنة التنمية التابعة للبنك الدولي، ومجلس محافظي البنك، وكان هناك تأييد قوي لقيادة البنك الدولي ولعملية التطور التي يشهدها البنك.
هكذا، عندما نمعن النظر في الصورة الكاملة لمجريات الأمور، فقد أدى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى تفاقم المشكلات في البلدان النامية. ويعمل البنك الدولي لمعالجة كل هذه المشكلات، لكن حقيقة الوضع هي أنه لا توجد موارد كافية، وأن المشكلات تتزايد حقاً. ومن ثم، في خضم تفكيرنا بشأن دور البنك الدولي في المستقبل، فإن العمل بمزيد من الجد، والكفاءة، وعلى نحو أفضل، وبقوة أكبر في مشروعات مُؤثِّرة في أنحاء العالم هي جميعاً جزء من هدف جهاز إدارة البنك.
شكراً لك.
السيد/ ثايس: شكراً لك.
سأتلقَّى الآن أسئلتكم. هل يُمكن توفير مزيد من الإضاءة في القاعة، إنها مُظلمةٌ إلى حد ما على مؤتمر صحفي. لكنني أرى في الصف الأمامي شينخهوا هنا. هل يمكن، رجاء، تقريبهم من الميكروفون. وإذا أمكن توفير مزيد من الإضاءة لنا، فسوف يكون ذلك رائعاً.
شكراً لك.
السيد/ مالباس: ها هو ذاك. الآن، يمكننا الرؤية. مرحبا بالجميع.
السيدة/ بان. شكراً لك يا ديفيد على الإجابة عن سؤالي. لقد حذَّرتَ في الآونة الأخيرة من حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي هذا العام مع استثناءين ملحوظين هما الصين والهند. فهل لك، رجاءً، أن توضح بمزيد من التفصيل زخم الاقتصاد الصيني، وما نتيجة تحسُّن آفاق الاقتصاد الصيني على العالم --في ظل مشهد اقتصادي عالمي هش. شكراً لك.
السيد/ مالباس: شكراً لك. كنتُ في الصين في ديسمبر/كانون الأول عند إنهاء الإغلاق العام. وما نشهده الآن في الصين هو الانتعاش من آثار هذا الإغلاق. ونتيجة ذلك هي أن معدل النمو في 2023 قد يصل إلى 5.1% بعد نمو قدره 3% في 2022. ويُعد ذلك انتعاشاً. وهو يُعزِّز النمو العالمي، ويعكس أيضاً جهود الصين، ومساعيها الواضحة لتسريع وتيرة انفتاحها، وتمكين سلاسل الإمداد من العودة معاً لتثري الإمدادات العالمية.
وأعتقد أن هذا يأتي أيضاً في سياق إعادة تعديل سلاسل الإمداد العالمية بعد الاعتبارات المتصلة بسنوات جائحة كورونا. لقد نشأ اعتماد قوي على الصين، وهكذا يعمل العالم من أجل تنويع سلاسل الإمدادات أيضاً. وفي هذا السياق، يأتي نمو الصين كعاملٍ داعم في عامٍ مثل 2023 فذلك هو المطلوب تحقيقه فيه. لكنه ينطوي على --ويترك المجال مفتوحاً أمام- التحدي الذي يواجهه العالم والمتمثل في تعظيم كفاءة الإنتاج بطرق متنوعة في أنحاء العالم.
شكراً لك.
السيد/ ثايس: شكراً لك. عظيم.
إنني أرى شاباتي غولد هنا مرتديا ربطة عنق حمراء. هل، يُمكِن، رجاءً توصيل الميكروفون إليه. شكراً لك.
السيد/ غولد: شكرا جزيلا. صباح الخير. أردتُ فقط أن أسأل بشأن اجتماع المائدة المستديرة حول الديون الذي عُقِد أمس. ما مدى التقدم الذي تحقَّق فعلاً، وما هو الوضع بالنسبة إلى ما تريدون أن تكونوا فيه في هذه المرحلة الزمنية بشأن تخفيف الديون وإعادة هيكلتها للبلدان منخفضة الدخل؟
شكراً لك.
السيد/ مالباس: شكرا. إن عمليات إعادة الهيكلة تعني التوصُّل حقاً إلى إجراء تغيير في عَقْد الدين حتى يتاح للبلد المعني المزيد من القدرة على تحمل أعباء الدين. ويمكن تحقيق ذلك بتغيير سعر الفائدة على القرض أو تمديد أجل استحقاقه. ويمكن أن يتم بتخفيض مبلغ أصل القرض. وهذا هو الهدف النهائي للبلدان.
وكان الإطار المشترك لمعالجة الديون، أي إجراءات الإطار المشترك لمجموعة العشرين، يهدف إلى بدء هذه العملية، لكننا --البنك الدولي وصندوق النقد الدولي-- بحثنا عن سبلٍ لتحسين عملية إطار مجموعة العشرين حتى يتسنَّى مزيد من حسن التوقيت في تنفيذ هذه العملية، وللوصول حقاً إلى نتيجة من حيث قدرة البلدان على تحمل أعباء الديون. ولذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يجب القيام به، والتفاصيل مهمة.
إننا نتحدث عن زامبيا التي كانت حاضرةً في الاجتماعات، والتي لم تتوصَّل إلى إعادة هيكلة ديونها، وتعمل منذ سنتين مع المجتمع الدولي من أجل ذلك. إنه في سياق برنامج اقتصادي ناجح جدا في زامبيا. لقد فعلوا أكثر مما فعله أي بلد آخر من حيث انضباط المالية العامة، وتبنِّي سياسات مُوجَّهة لتحقيق النمو تُيسِّر تقوية دعائم الاقتصاد. ولكن لم يُعرَض عليهم بعد نصٌ لإعادة هيكلة الديون يكفل تخفيض أعباء الديون. ولذا، يحدونا الأمل أن يتم التوصل إلى مذكرة تفاهم، وهي الغاية من هذه العملية التي قد تتحقَّق هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم. ويتعين على الصين أن تسايرها، وذلك جزء مهم من هذه العملية.
ولدائني القطاع الخاص أهمية بالغة، ويجب أن يشاركوا مشاركة واسعة. وقد ناقشنا ذلك أمس، ويُقدِّم البنك الدولي تخفيفا ضمنيا للديون من خلال عملية تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية. فالمؤسسة، كما تعلمون، هي صندوق البنك الدولي لمساعدة البلدان الأفقر، وهي تقدم باستمرار تخفيفاً كبيراً غالباً ما يكون في صورة منح مباشرة. فعلى سبيل المثال، في زامبيا، سنبدأ في 1 يوليو/تموز تقديم كل مساعداتنا إلى زامبيا في هيئة منح. وهكذا، سيقع على عاتق الدائنين الآخرين، ولاسيما الصين، واجب تقديم تخفيف حقيقي للديون يتيح لهذا البلد أن يصبح قادرا على تحمل أعباء الديون.
يُمكنني استعراض الوضع في كل بلد، لكن مع اختلاف التفاصيل. ففي غانا، نسعى إلى أن يتم تشكيل لجنة الدائنين، وفي إثيوبيا، من أجل إجراء إصلاحات هيكلية تتيح التوصل إلى برنامج صندوق النقد الدولي. ويقودنا ذلك بشكل مباشر إلى برنامج أسعار الصرف. فهم يستخدمون نظام سعر الصرف المزدوج الذي يكون فيه التمويل بسعر الصرف الرسمي لطائفة ضيقة من الناس باهظ التكلفة. ولذلك، يجب التخلِّي عن ذلك، حتى يتسنَّى تحقيق تقدم أقوي داخل إثيوبيا. ورأيي هو أنهم إذا غيَّروا نظام سعر الصرف، فإن رؤوس الأموال ستعود إلى إثيوبيا. وفي الوقت الحالي، يحتفظ المُصدِّرون بأموالهم خارج إثيوبيا.
وبالتالي، إذا قاموا بتوحيد سعر الصرف، وهو ما تجري مناقشته في إطار برنامجهم الاقتصادي، فإن الاستثمارات ستتدفق عائدةً إلى إثيوبيا، وسيؤدي ذلك إلى تحسُّن كبير للوضع المتردي في شرق أفريقيا. فشرق أفريقيا تواجه خطر المجاعة، وهي تشهد ظروفاً مناخية بالغة القسوة، وهذا النقص في الأسمدة الذي يسود في مختلف أنحاء العالم بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توفر الغاز الطبيعي.
وكل هذه التحديات ضمن إطار معالجة الديون. شكرا.
السيد/ ثايس: شكرا. اسمحوا لنا أن ننتقل إلى الأهرام هنا. شكراً لك.
السيدة/ عبد المنعم: شكراً لك يا ديفيد. اسمي دعاء عبد المنعم من الأهرام أونلاين في مصر. ولدي سؤالان سيتركزان على مصر.
الأول هو أن البنك الدولي توقَّع أن تزيد ديون مصر زيادة كبيرة في 2023 وما بعدها. فكيف ترون ذلك، وما هي الأسباب الرئيسية وراء هذا التنبؤ؟
وسؤالي الثاني هو كيف ترون التطورات التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة من حيث الإجراءات المتصلة بمساندة القطاع الخاص، وفي المقام الأول كيف يساند البنك الدولي مصر في هذه الأوقات العصيبة. شكراً لك.
السيد/ مالباس: شكراً لك. كنتُ أنظر إلى تنبؤاتنا الخاصة بمصر. ففي 2022، كان معدل النمو الحقيقي 6.6%، ونحن نتطلع إلى 4% في 2023. ولكن يجب أن أشير في هذا الصدد إلى أنه في البلدان التي تشهد انخفاض قيمة عملاتها وارتفاع معدلات التضخم، يصعب حقاً تتبع النمو الحقيقي لأنه مع ارتفاع التضخم تزداد الأعباء على الفقراء لأنهم يعجزون عن مجاراة الأسعار المتزايدة. ويخلق ذلك تحديات جسيمة حقاً.
لقد عملنا بشكل وثيق مع مصر على مر السنين، ويعكف صندوق النقد الدولي على إعداد برنامج سيكون أكثر قوةً من حيث مساندة القطاع الخاص. ونُشجِّع على تحقيق تكافؤ الفرص بين الصناعات المملوكة للدولة والقطاع الخاص، وهو ما سيتيح زيادة الاستثمار، وأيضا خلْق سبلٍ مبتكرة للاستثمار. وسيكون تقديم مزيد من الدعم لقطاع الزراعة مفيداً. وكذلك، حينما ندرس الأعباء المتزايدة للديون، التي تُعزَى جزئياً إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي الاسمي بعد تخفيضات قيمة العملة. وإذا قمت بالحساب--وهذه مشكلة عامة للبلدان التي إذا كانت ديونها مُقوَّمة بالدولار، وعملاتها ضعيفة، فإن ذلك يجعل أعباء مديونيتها وأعباء خدمة ديونها أكثر تكلفةً على شعوبها.
وتلك حجة للبلدان -- وقد أوضحت هذه الحجة في كلمتي التي ألقيتها قبل اجتماعات الربيع في النيجر قبل أسبوعين-- ومفادها أنه من المهم للغاية أن تتبنى البلدان إطاراً للاقتصاد الكلي يكفل أن تعمل السياسات المالية والنقدية والخاصة بالعملة جميعاً لتحقيق الاستقرار. وإذا كان لي أن أترك تلك الرسالة المُوجَّهة للناس ونحن ندرس التحديات التي يواجهها العالم حالياً، فإننا نشهد تباطؤ الاقتصادات المتقدمة، وأنها لا تتقاسم مع البلدان النامية الكثير من حيث تحركات رؤوس الأموال. ولذا، سيكون من المهم جداً والمُلِح -في الواقع- أن تقوم البلدان النامية بتعديل أوضاع اقتصاداتها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من الموارد المحدودة المتاحة من العالم. ويقود ذلك بشكل مباشر إلى انضباط المالية العامة، وفصل السياسة النقدية حتى لا تضطر البنوك المركزية إلى طباعة المزيد من الأوراق النقدية (البنكنوت) لتمويل عجز الموازنة. وينبغي التركيز على انتهاج سياسات تتيح استقرار العملات حتى يتسنَّى كبح التضخم. ومن ثمَّ عندئذٍ، القيام بالأشياء الاعتيادية من تحرير التجارة وتهيئة البيئة الداعمة لعمل القطاع الخاص.
ويتطلَّب ذلك اتباع سياسات تنظيمية قادرة على مساعدة القطاع الخاص في البلدان على النمو بقوة حقاً. وكذلك، بالنسبة لمصر، يحدونا الأمل في تحسُّن الوضع في المستقبل، والبنك الدولي، في اعتقادي، على أهبة الاستعداد لتقديم المساندة. ولكن سيكون من المهم جداً إدخال هذه التحسينات على مناخ الأعمال حتى يتسنَّى تدعيم النمو في المستقبل.
شكراً لك.
السيد/ ثايس: شكراً لك.
إنني أرى صحيفة (فولها دي ساو باولو) فيما أظن. شكراً لك.
السيد/ أمانسيو: أهلاً، شكراً جزيلاً لك يا ديفيد. هل لكَ أن تُحدِّثنا عن التنبؤات المنخفضة للنمو لا في أمريكا اللاتينية وحدها، وإنما أيضاً في البرازيل هذا العام. وأود أيضاً أن أستمع إلى توقعاتكم وشواغلكم بالنسبة لاقتصاد البرازيل في ظل الحكومة الجديدة.
السيد/ مالباس: شكراً لك. أود أن أُبلغ الجميع أننا شهدنا بلوغ معدل النمو الحقيقي 2.9% في 2022، وأنه يتراجع إلى 0.8% في 2023. وهكذا، تجدر الإشارة إلى أن البرازيل كانت قد رفعت أسعار الفائدة قبل غيرها من البلدان. ولتتذكروا المناقشات التي جرت في 2021 و2022 بشأن هل سيكون التضخم مسألة عابرة، وهل ستؤجِّل البنوك المركزية الرئيسية زيادة أسعار فائدتها. ولكن البرازيل رأت الخطر، وعمدت إلى رفع أسعار الفائدة آنذاك.
وهكذا، كانت النتيجة أنك ترى الآن رد الفعل المؤجَّل على زيادات أسعار الفائدة، وكذلك على الشكوك المتعلقة بالانتخابات التي انبثقت عنها. وهكذا، ونحن ننظر إلى البرازيل، فإنها تمتلك بوضوح إمكانات هائلة. وهذه عبارة شائعة عن البرازيل. ويُعزَى جزء من تلك العبارة إلى الزراعة، وسلاسل الخدمات اللوجستية، وسلاسل الإمداد التي يمكن أن تأتي من البرازيل.
وإحدى الفرص النافعة في العالم للبرازيل هي كونها مُنتِجاً للحاصلات الزراعية. فهي تستورد كميات ضخمة من الأسمدة من أفريقيا، وتصنع المواد الغذائية بكفاءة، وتُصدِّر للعالم في هذا السياق. ولكن التباطؤ يشير أيضاً إلى ما يساور المستثمرين من هواجس وأسباب للقلق. وهذا تحدٍّ عالمي: فالتدفقات الاستثمارية إلى البلدان النامية تحولت في الغالب إلى تدفقات إلى الخارج.
ولذلك، بالنسبة للبرازيل، بات الأمر مُلِحاً أن تنتهج سياسات اقتصادية جيدة حتى يتسنَّى تسريع وتيرة النمو، وكي تتيح القيام بالإنفاق الذي تحاول الحكومة القيام به للأغراض الاجتماعية والأغراض البيئية ولأغراض مكافحة تغير المناخ. ومن ثمَّ من الضروري التركيز بقوة على تسريع وتيرة النمو في المستقبل، وأعتقد أن الخبر السار هو أن أسعار الفائدة قد ارتفعت بالفعل، ولذا فهي ليست مسألة ملحة. فالمسألة الأكثر إلحاحاً هي انضباط المالية العامة، وكفاءة السياسة التنظيمية لدعم النمو.
السيد/ ثايس: عظيم. أشعر وكأنني تناسيتُ أفريقيا. فلنبدأ بالصف الأمامي هنا. شكراً لك.
السيد/ مالباس: إننا لا نتناساها.
السيد/ ثايس: الميكروفون، من فضلك.
السيد/ مالباس: الصف الأمامي. أود أن أوضِّح أن البنك الدولي يضطلع بأنشطة واسعة في أفريقيا. فقرابة نصف ارتباطاتنا تذهب إليها. وكنتُ لتوي في النيجر وتوغو، وكانت رحلة مثيرة جدا للاهتمام في منطقة هشة بأفريقيا. فهي تُظهِر التحديات التي نشهدها في أوضاع الهشاشة في أرجاء العالم. ومع تباطؤ النمو، فإنها تضع مزيداً من الضغوط على الحكومات التي تعاني بالفعل من أوضاع الهشاشة.
السيد/ أتيبا: شكراً لك، يا سيد مالباس. أظن أن هذه اجتماعات الربيع السنوية الأخيرة التي تحضرها قبل أن يتولَّى السيد بانغا رئاسة البنك. كنتُ أتساءل هل لك أن تُحدِّثنا بإيجاز، هل ترى أن مدة رئاستك كانت ناجحة؟ هل أنت نادمٌ على شيء ما ؟
والآن، فيما يتعلق بنيجيريا، فإن بولا أحمد تينوبو فاز للتو في انتخابات الرئاسة النيجيرية، ومن ثم ستكون لديهم حكومة جديدة. هل لك أن تستفيض قليلاً في الحديث عن اقتصاد نيجيريا؟ هل لديك أي توصية بشأن الدعم، والديون، إلى آخره، والوضع في أفريقيا جنوب الصحراء. شكراً لك.
السيد/ مالباس: لا أجد نيجيريا حاضرة هنا. أين نيجيريا. ها قد وجدتُها هنا. بالنسبة لنيجيريا، بلغ معدل النمو 3.3% في 2022 و2.8% في 2023 وكان هذا ضمن تنبؤاتنا. وإحدى الأولويات الرئيسية للبنك الدولي هي تحقيق الرخاء المشترك على نحو مستدام. ولذلك، ونحن نُفكِّر في نيجيريا، فإنه يلزم إجراء تغييرات كثيرة تتيح لهذه الجهود أن تمضي قدماً. وبالنسبة لإجمالي الناتج المحلي لنيجيريا، فإن النفط يُمثِّل الجانب الأكبر من هذا الناتج. ويعني ذلك الكثير من الناس.
وهم يعانون أيضاً من غياب الأمن في أنحاء المناطق الشمالية والشرقية التي تنطوي على تحديات جسيمة. ولذلك، فإننا في البنك الدولي نعمل بجد داخل نيجيريا، ولكننا نعمل أيضاً من أجل تبنِّي نظام اقتصادي قادرٍ على أن يكون أكثر إنتاجيةً. ويعني ذلك أن نيجيريا تتبني تدابير الحماية التجارية التي تعوق تنمية الأسواق. ولديهم سعر صرف مزدوج، والإبقاء على ذلك النظام لازدواجية سعر الصرف باهظ التكلفة على شعب نيجيريا. ومعدل التضخم عندهم مرتفع، ويفتقر نشاطهم الاقتصادي إلى التنوع بدرجة تكفي لإحراز تقدم كافٍ حقاً.
لقد كان سؤالكم الافتتاحي الذي طرحتموه هو ما هي بعض النجاحات والإنجازات. وواجه البنك الدولي العديد من الأزمات شأنه في ذلك شأن البلدان. وكانت أزمة جائحة كورونا أيما صدمة. وكانت قاسية على موظفي البنك الدولي، ولكن الأهم من ذلك أنها كانت شديدة القسوة على البلدان المتعاملة معنا. ولذلك، عملنا للتحرُّك سريعاً من أجل تقديم المساعدة خلال تلك الفترة، وسجَّلنا قفزة في التمويل قدرها 150 مليار دولار. ويتخطَّى هذا كثيرا المستويات المعتادة للتمويل الذي يقدمه البنك وحجمه. وبعدئذ، حينما وقعت أحدث أزمة بسبب غزو روسيا لأوكرانيا والآثار الناجمة عنها على الأسمدة، كان هناك نقص في الأغذية، ونقص في إمدادات الطاقة في أنحاء العالم. وسجَّلنا قفزة ثانية في مستويات التمويل.
وهكذا، كنا في البنك الدولي نعمل على مدار ساعات اليوم وأيام الأسبوع لتنفيذ عمليات الإقراض وعمليات تقديم المنح وعمليات الاستثمار الجديدة لما فيه منفعة الناس في شتَّى أنحاء العالم. وأعتقد أنه كان عملاً ناجحاً، وإنني أفخر بالنتائج التي تحقَّقت في إطار البنك الدولي. ولكنني كنتُ أود اطلاعكم على السياق الخاص بنيجيريا وبمصر وبلدان أخرى سيكون النجاح الحقيقي للبنك الدولي فيها إذا كان الناس في البلدان يبلون بلاءً حسناً في المستقبل.
وسيفضي ذلك -في اعتقادي- إلى تغير جوهري في العالم. وبهذا نصل إلى الشيء الذي يبعث على الإحساس بالندم الذي كنتَ تسأل عنه. أظن أنني كنتُ أتمنَّى أن يكون باستطاعتنا التغلُّب -من خلال هذه المائدة المستديرة حول الديون- على أعباء المديونية التي تثقل كاهل البلدان. وكذلك أيضا، اجتياز التعطيلات الهيكلية التي يشهدها الكثير من البلدان النامية الكبيرة بدلاً من التلاقي والعمل لزيادة نموها بوتيرة أسرع من الاقتصادات المتقدمة، وهو الهدف المُتوخَّى بلوغه. وكما أظهرت الصين على مر العقود يستطيع أي بلد نام تحقيق معدل نمو قدره 10%، واللحاق بركب الاقتصادات المتقدمة في غضون سنوات وعقود.
وتُثبِت الهند ذلك الآن، إذ بلغ معدل نموها نحو 6% لكن مع طموح الوصول إلى نمو سنوي قدره 8% سنويا على أساس سياسات ستفضي إلى نمو أسرع، وتيسير الحصول على الكهرباء، وإمدادات الماء النظيف، وزيادة الاستثمار في قطاع الزراعة، وهي الأشياء التي تحتاج إليها البلدان. ولذا يحدوني الأمل في المستقبل أن يتمكن العالم من العمل حقاً وفق تلك الأساليب من أجل خلق نمو أسرع، ومستويات معيشة أفضل للناس في البلدان النامية.
شكرا.
السيد/ ثايس: شكراً لك. سننتقل إلى الصف الثاني هنا برفع الأيدي. شكراً لك، رائع. ثمة ميكروفون يتجه نحوك.
السيدة/ شلال: حسناً، هذا رائع. مرحباً، يا ديفيد شكراً لك على صنيعك هذا. وأود متابعة الحديث سريعاً بشأن سؤال اجتماع المائدة المستديرة حول الديون، ولكن لدي بعد ذلك سؤال آخر أيضاً. ففيما يتعلق بالمائدة المستديرة حول الديون، قلتَ إنه جرت مناقشة بشأن تقاسم الأعباء.
السيد/ مالباس: نعم.
السيدة/ شلال: لقد كانت الصين تصر على أن تتحمَّل بنوك التنمية متعددة الأطراف أيضا قسطاً من الأعباء وتشارك. فهل تراجعوا عن ذلك الموقف خلال هذه المناقشات إلى حد ما؟ وأفهم أنه كان هناك إقرار بأنه توجد سبلٌ أخرى لمشاركة بنوك التنمية متعددة الأطراف. فهل لك أن توضِّح ذلك بمزيد من التفصيل، ثم تُحدِّثنا عن تلك المناقشات، ثم عما سيحدث على وجه الدقة في حلقة العمل.
ومن ناحية أخرى، كنتُ أريد أن أسألك، فقد مررنا للتو بفترة من الاضطراب الشديد في القطاع المصرفي. ويبدو أن الأوضاع قد هدأت، لكنني أردتُ معرفة رأيك في هذا الأمر بصفتك شخصاً كان يعمل فيما مضى في القطاع المصرفي، ولديه بعض الاطلاع على مجريات الفترة التاريخية، وهل تم ،في اعتقادك، تفادي هذه الأزمة.
شكرا.
السيد/ مالباس: نعم، شكراً. لقد كانت عملية الديون مسألة أكثر شمولاً، مسألة تجمع البلدان المدينة وكذلك البلدان الدائنة. وعلى مر العقود، لم تكن هذه العملية تضم الأطراف الفاعلة المهمة وهم القطاع الخاص. ولذلك، كنتُ سعيداً جداً في اجتماع المائدة المستديرة أمس لأنه شارك فيه القطاع الخاص، وكانت الصين ودائنون آخرون من خارج نادي باريس بين الحاضرين، وشاركت فيه أيضا عدة بلدان مدينة.
هذا منتدى من نوعٍ جديد يتباحث فيه الدائنون والمدينون حقاً، ويشارك فيه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمحاولة المساعدة في الوصول إلى الغاية المنشودة.
على مر السنين، كانت الصين تطرح أسئلة مفادها ألا ينبغي أن تقوم بنوك التنمية متعددة الأطراف بتخفيض الديون. وفي الواقع يبدو أن هذا الأمر غير منطقي لأن بنوك التنمية متعددة الأطراف--ولاسيما البنك الدولي- تُقدِّم للبلدان موارد بشروط مُيسَّرة للغاية. وعليه يعني ذلك أنه يجري بالفعل تخفيض ضمني للديون حينما ينخرط البنك الدولي في عملية من العمليات. فالبنك الدولي يقدم للبلدان منحاً وقروضاً ذات آجال طويلة جدا وبأسعار فائدة منخفضة للغاية. وهذا من منظور صافي القيمة الحالية تخفيض للديون على أساس متواصل. وأعتقد أن الصين أصبحت أكثر تقبلاً لفهم تلك الحقيقة. ويمكن إجراء مزيد من المناقشات لهذه المسألة، لكنني أشعر من السياق السائد حالياً أننا سننتقل إلى اتخاذ خطوات جديدة. وعلى هذا النحو، يُعَد ذلك تقدماً نحو تقاسم الأعباء بالتساوي.
وسيعمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في حلقة العمل مع مختلف المشاركين لفهم شروط صافي القيمة الحالية، وهو ما يعني القيمة الزمنية للمال. وكما ذكرتُ يمكن خفض أسعار الفائدة أو إطالة أجل الاستحقاق، أو يمكن خفض قيمة أصل الدين. فكيف يمكن جعل تلك الإجراءات تُشبه سعر خصم مُوحداً لصافي القيمة الحالية؟ وهذه مفاهيم فنية رئيسية لكيفية التوصل إلى اتفاق لإعادة هيكلة الديون. وستجري مناقشة تلك المفاهيم، وأتوقع أيضاً مناقشة مسألة متأخرات الديون، ومعالجة المتأخرات، وغرامات أسعار الفائدة، والرسوم الإضافية وهي جميعاً إجراءات تكتسي أهمية حينما يطول أمد عملية إعادة هيكلة الديون. وإذا أمكن تسريع الجدول الزمني، فإن بعض المسائل الفنية قد تكون أقل تعقيداً.
وفيما يتعلق بالقطاع المصرفي، أود أن أشير إلى عدة أشياء. أحدها أنه حدث تحوُّل كبير في وضع أسعار الفائدة من فترة طويلة لأسعار الفائدة الصفرية إلى مستويات الفائدة المعتادة. وفي هذا الإطار، كان هناك تباين في أجال الاستحقاق بين بعض الكيانات. وكانت النتيجة فترة من إجراءات تسوية الديون لتحديد ما ينبغي عمله لمعالجة هذا التباين. وأصاب ذلك البعض بالضرر. وحدثت أزمة سيولة في بعض البنوك الأمريكية، حينما سحب المودعون أموالهم من بنك سيلكون فالي.
وإذا نظرنا إلى الأوضاع على مستوى العالم، فسنجد بعض الحالات الأخرى لتباين آجال الاستحقاق، لكن التحدي الأكثر إلحاحاً والذي جرت مناقشته في اجتماعات أمس هو التأثير على الائتمان-- على تقديم الائتمان. وفي كلٍ من الاقتصادات المتقدمة والبلدان النامية على السواء، نشهد تراجع المعروض المتاح من الائتمان مع قيام الأجهزة المصرفية بفحص مراكزها المالية.
ولذلك، أرى أنه سيكون من المهم جداً التفكير في كيفية توجيه التمويل قصير الأجل إلى الشركات؟ والتمويل قصير الأجل هو شريان الحياة لتحقيق النمو. فالشركة التي تحاول زيادة عملائها، يجب عليها تمويل الحسابات المدينة، والمخزون المطلوب، وتمويل التجارة الذي تحتاج إليه في حالة الاستيراد. وهذا ما يُطلَق عليه رأس المال العامل. وتستطيع مؤسسة التمويل الدولية توفير رأس المال العامل لشركات القطاع الخاص، لكن هذه الاحتياجات ضخمة على مستوى العالم. ولذلك، مع تعرض الأجهزة المصرفية لضغوط شديدة، يتحتم بذل جهود مُضاعَفة لتيسير تدفق الأموال إلى رأس المال العامل للشركات.
وهذا أحد الأسباب في أنني أحث البنوك المركزية، البنوك المركزية الكبرى على تضمين مراكزها المالية آجال استحقاق أقل. وتقترض البنوك المركزية الكبرى من الأجهزة المصرفية لبلدانها وبلدان العالم. وهكذا، يقترض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) من البنوك الأمريكية ومن البنوك الأوروبية واليابانية، ثم يودع ما اقترض في سندات طويلة الأجل. ويتعين تحرير بعض من رؤوس الأموال هذه والسماح بتدفقها على رأس المال العامل حتى يتسنَّى تخفيف الأعباء على عملاء البنوك. وتلك مشكلة مُلحة حقاً. ويتعيَّن تقديم مزيد من الائتمان من القطاع المصرفي، وجرت أمس مناقشة وافية لتخفيض الائتمان المُقدَّم من البنوك في الاقتصادات المتقدمة وفي أنحاء العالم.
كنتُ في غرب أفريقيا قبل أسبوعين، وتشهد الأسواق الإقليمية تباطؤا وإغلاقا عاما هناك. وجاء ذلك على خلفية عمليات الإغلاق في الأسواق الدولية أيضا. وحينما نُفكِّر في آثار ذلك على البلدان النامية، فإنها صدمة قاسية من حيث متطلباتها التمويلية، وأعتقد حقاً أن الوضع يتطلَّب تحرُّكاً عاجلاً من جانب الاقتصادات المتقدمة بشأن ما سيتعيَّن القيام به لتيسير تدفق تمويل رأس المال العامل مرة أخرى.
شكراً.
السيد/ ثايس: شكراً لك. في الوسط ناحية الخلف، يا أليكس برومر، هل لك أن تأخذ الميكروفون. لا، آسف، لقد ناديتُ على شخص آخر. شكراً لك، على أي حال.
السيد/ برومر: الرئيس مالباس، هل تعتقد أن البنك الدولي أصبح مُسيَّساً بدرجة كبيرة، ومن ثمَّ يبدو رحيلك عن منصبك وكأنه في بعض النواحي رحيلٌ مُدبَّر بسبب تغير المناخ والمعارك في وسائل الإعلام بشأن تغير المناخ. وثانياً، الطريقة التي تتكشَّف بها مسألة الديون برمتها تبدو أيضاً وكأنها مُسيًّسة جدا. وهكذا، أصبح البنك ساحة تصارع بين الولايات المتحدة والصين، وساحة معارك بشأن تغير المناخ.
السيد/ مالباس: سأضع الأمر—أو سأجيب - في سياق مختلف. إذا نظرنا إلى تاريخ العالم على مدى الخمسين عاما الماضية، وقد كنتً نشطاً-- إذ انضممتُ إلى الحكومة الأمريكية في 1984، ولا أدري كم مضى من الوقت على ذلك. بيد أن المؤسسات المالية الدولية، صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والمؤسسات الأخرى، كان يتحتم عليها دائما التعامل مع التحديات السياسية. تلك هي طبيعة عمل البنك الدولي أن تكون منخرطاً في البلدان-- فلديها انتخابات، ولدينا حملة أسهم متنازعين. وكنتُ محظوظاً بالعمل في البنك الدولي، وبكوني رئيس البنك، وكانت أربعة أعوام زاخرة بالعمل والنشاط. ومن ثمَّ، حان الوقت لي لأتطلَّع إلى فرصٍ جديدة، وهو ما أسعى إليه حثيثاً، وللبنك للتحوُّل.
فيما يتعلق بالنقاط المُحدَّدة في كلامك، وبشأن المناخ، فإن هذه ليست مسألة سهلة على العالم. ولا أدري إن كانت تتركَّز بوجه خاص على البنك الدولي أم علي شخصياً. إنها تحدٍ عالمي. وتخفيف الآثار باهظ الثمن، وتكاليفه مرتفعة في وقتٍ يعاني فيه العالم بالفعل من نقص هائل في خدمات التعليم والرعاية الصحية، ويعمل لزيادة تلك الخدمات.
ويخلق ذلك توازناً طبيعياً يسعى العالم إلى تحقيقه. وقد كنتُ في خضم هذا الجهد هنا في البنك الدولي. فقد وضعنا خطة العمل بشأن تغيُّر المناخ التي لاقت نجاحاً كبيراً في تقريب العالم من الإقرار بأنه يجب تحقيق التكامل بين اعتبارات المناخ والتنمية. وكانت تلك إحدى ركائز خطتنا للعمل بشأن تغير المناخ. وقد سارت بشكل جيد. وأعتقد أن العالم أدرك ذلك ويعمل من أجل تبنيه، وتجلَّى ذلك في عملية التطوُّر التي نشهدها في البنك، حيث يتدارس المجلس --مجلس المديرين التنفيذيين والعواصم السبل التي يُفضِّلونها لإحداث تحوُّل في البنك. ولكن الإقرار الكامل يقتضي أن يعمل الجميع بجدٍ معاً لتحقيق التكيُّف. وهكذا، يواجه الناس في البلدان النامية تداعيات تغير المناخ، لكنهم لا يمتلكون الموارد اللازمة لمجابهته بكل ما في الكلمة من معنى.
وأحسبُ أنني كنتُ أُريد أن أضعها في السياق الذي يكون فيه من الطبيعي للمؤسسات المالية الدولية أن تتعامل بفعالية مع حملة أسهمها. لقد سعدتُ كثيراً بما تحقَّق من نتائج. إذ أنجزنا الكثير في البنك الدولي في هذه السنوات، واتضح ذلك أمس في الاجتماع مع المحافظين. إذ كالوا عبارات المديح والثناء لجهاز إدارة البنك الدولي، وموظفي البنك الدولي، وإنجازاته. وأشعر بالسعادة بهذا الموقف.
وأحد الأشياء التي أردتُ القيام بها هي نقل جيد للمسؤولية إلى من سيخلفني، وأعتقد أن تلك العملية تسير أيضا على ما يرام. ولذا أتطلع إلى خروجي من هذا المنصب، وأتطلع أيضاً إلى أن يبلي البنك الدولي بلاءً حسنا في المستقبل.
شكرا.
السيد/ ثايس: عظيم. أعتقد أن لدينا وقتاً يكفي لمتحدثٍ أو اثنين آخرين. أفغانستان، لقد انتظرتَ طويلاً. شكراً على صبرك. انتظر الميكروفون، من فضلك. شكراً لك. يجب أن يكون في وضع التشغيل. فقط استمر في الحديث، وسيقومون بتشغيل الميكروفون.
السيدة/ كريمي: شكرا جزيلا لك. حسناً. اسمي نظيرة كريمي. وأنا صحفية أفغانية. وكما تعلمون الوضع في أفغانستان حرجٌ للغاية. فحركة طالبان تتولَّى السلطة. وأحوال النساء بالغة السوء.
أود أن أسالكم ما هو تقييمكم لحركة طالبان. وعلى الرغم من أنه لم يعترف بهم أحد، فإن الأموال تُرسَل إلى أفغانستان، نحو 40 مليون دولار كل أسبوع. الشعب--هذه الأموال ترسل في إطار المساعدات الإنسانية، لكن الشعب الأفغاني لا يحصل أبداً على تلك الأموال. لا أعرف كيف ستكون سياستكم تجاه أفغانستان في المستقبل، وأحوال كل النساء بالغة السوء.
شكرا جزيلا لك. أنا أُقدِّر هذا.
السيد/ ثايس: شكراً لك.
السيد/ مالباس: شكراً لك. نعم، لقد حدث تحوُّل رهيبٌ حقاً في اتجاه الأوضاع في أفغانستان أطاح بحريات النساء ثم الفتيات. ويُؤثِّر ذلك على برامجنا. ما فعلناه--الإجلاء نفسه جاء فجأة وكان صادماً لموظفي البنك الدولي، بل صدمة أشد للشعب الأفغاني، وكل موظفي الإغاثة الذين كانوا في أفغانستان، ولا تزال التداعيات ملموسة.
وكنتُ مع المستشارة ميركل أثناء الإجلاء، كان ذلك في أغسطس/آب 2021. وكان الإجلاء صادماً لألمانيا التي كانت تشارك في أفغانستان وتواجه إجلاء مفاجئا لم يكن قد تم الاستعداد لمواجهته. والآن، وقد غيَّر البنك الدولي برامجه، حدث إيقافُ لأنشطتنا--وخرج موظفونا من أفغانستان. واستطعنا نشرهم في إسلام آباد وفي دوشنبه --في طاجيكستان وباكستان المجاورة. وهكذا يواصلون العمل--واجتهد كثيرٌ منهم لاستئناف البرامج في أفغانستان لكن أفعال حركة طالبان قوَّضت هذه الجهود.
وعمِلنا من خلال صندوق إعادة إعمار أفغانستان --ونحن أمناؤه- الذي يضم مجموعة المانحين واستمر في توصيل بعض تدفقات الأموال إلى أفغانستان، ونعمل بجدٍ مع المانحين بشأن مصالحهم لتحديد ما هو الصواب الذي ينبغي عمله في بلدٍ لديه احتياجات ضخمة وهائلة واحتياجات إنسانية مُلحة، ولكن نظام الحكم فيه يصعب كثيراً العمل معه. فهذه علاقة آخذة في التطور يعيد الخبراء تقييمها أسبوعياً للوقوف على ما يمكن عمله للمساعدة في تعليم الفتيات. وهو أمرٌ صعب. ولتحديد كيف يمكن إدخال المعونات الغذائية في نظام لا تعمل فيه أنظمة الدفع بالعملة؟
ولذلك، نشعر بقلق شديد على شعب أفغانستان. شكراً لك.
السيد/ ثايس: شكراً لك. سؤال أخير، وأعتقد أنه مع ترقبنا لاجتماعات مراكش في الخريف يمكن أن نتلقَّى سؤالاً من المغرب. إنهم في الصف الخلفي الثالث ويرتدون نظارات. شكراً لك.
السيد/ بنشقرون شكراً جزيلا لك. كما تعلمون، بدأ المغرب تحوُّله في مجال الطاقة قبل بضعة أعوام. وأود أن أعرف تقييمك لهذا التحوُّل.
شكراً جزيلا.
السيد/ مالباس: شكراً لك. ما كان يشير إليه ديفيد هو الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي ستعقد في مراكش في أكتوبر/تشرين الأول.
لقد كنت في المغرب قبل عام. ويتضمَّن التحوُّل في مجال الطاقة زيادةً كبيرة في تركيب ألواح الطاقة الشمسية، وإنتاج الألواح الشمسية، وكذلك الاستمرار في استخدام الغاز الطبيعي كمصدرٍ للطاقة، وهو ما يفضي إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة المنطلقة من المصدر البديل. وأحد الشواغل الكبيرة التي تشيع في العالم هو الزيادة الكبيرة في استخدام الفحم داخل أوروبا، والعقود طويلة الأجل التي تبرمها أوروبا للحصول على إمدادات الغاز الطبيعي والفحم، وهو ما يخلق نقصاً في الإمدادات في كثير من أجزاء بلدان العالم النامية.
فما تفعله البلدان هو تسريع وتيرة عمليات تركيب محطات الطاقة الشمسية، وكذلك السعي والعمل في أنحاء العالم لتوفير بعض إمدادات الغاز الطبيعي لتفادي اللجوء إلى مُولِّدات الديزل. كما يعرف كثير منكم، فإن استخدام مُولِّدات الديزل التي هي مصادر للطاقة ذات كثافة عالية في انبعاثات الكربون يتزايد وينطوي على إشكاليات في نيجيريا، وفي جنوب أفريقيا وفي كثير من البلدان التي يمكنها تحمُّل تكاليف مولدات الديزل.
ولذا، فإن أحد الأشياء التي نحاول القيام بها هو تفادي حدوث تلك النتيجة في البلدان النامية. وقد نوقش ذلك أيضا ببعض التفصيل أمس في إطار التحدي المتعلق بالحصول على الكهرباء. لقد كان هذا أحد أهداف التنمية المستدامة الأساسية، ولا يزال هناك 800 مليون شخص لا يحصلون على الكهرباء، وما يبعث على القلق أن العدد في ازدياد مع تعطُّل بعض شبكات الطاقة في بعض البلدان الرئيسية المنتجة للكهرباء في أنحاء العالم النامي. وفضلاً عن أن ذلك في حد ذاته مبعث قلق، هناك أناسٌ-- إننا ننتقل إلى وضعٍ مَن كانوا يحصلون فيه على الكهرباء فقدوا إمكانية الحصول عليها. وتستطيع مصادر الطاقة المتجددة توفير بعضٍ من الإمدادات البديلة، وهي تفعل ذلك، ونعمل بنشاط في مجال تخزين الطاقة بالبطاريات وتقنيات ألواح الطاقة الشمسية القابلة للتطبيق على نطاق واسع، والمغرب مشارك قوي في ذلك البرنامج.
شكراً لك.
السيد/ ثايس: شكراً جزيلاً للجميع. شكراً لك، يا سيد مالباس.
السيد/ مالباس: شكراً لك.
المتحدث
انضم إلينا في سلسلة من الفعاليات المباشرة حول التحديات الإنمائية الملحة التي نواجهها اليوم.
ستُبث جميع الفعاليات العامة على الهواء مباشرة (لا يلزم التسجيل) باللغة الإنجليزية مصحوبة بالترجمة الفورية باللغات العربية و الفرنسية و الإسبانية.